وظيفته هي رواية قصص معاناة الناس في غزة. الآن، أصبحت معاناتهم هي قصته أيضًا

Amr Ali, a media officer for the Palestine Red Crescent, is one of thousands displaced by conflict in Gaza

عمرو علي، مسؤول إعلامي في الهلال الأحمر الفلسطيني، هو واحد من آلاف النازحين بسبب اعمال العنف في غزة

صورة: جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني

يعيش الناس في غزة كل يوم، وكل دقيقة، وهم يدركون أنهم قد لا يبقون على قيد الحياة حتى اليوم التالي، أو قد يخسرون أحد افراد عائلتهم أو ربما عائلتهم بأكملها. هذا هو الحال أيضًا بالنسبة لكثير من الأشخاص الذين تتمثل مهمتهم في مساعدة الآخرين وحمايتهم.

كل يوم، يستيقظ عمرو وهو يعلم أنه يجب عليه أولاً تأمين الطعام والمياه لنفسه ولعائلته؛ ثم، يتوجه إلى العمل.

عمرو علي هو مسؤول إعلامي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. مثله مثل أي مواطن آخر في غزة، يناضل عمرو لحماية أسرته ولاتخاذ قرارات بشأن ما يجب فعله، أو كيفية التصرف، في ظل العنف المسلّح المتواصل.

يقوم عمرو بتوثيق أنشطة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، مثل الاستجابة لحالات الطوارئ، وتوزيع الغذاء والمياه ومواد الإغاثة.

وقال عمرو عبر رسائل الواتساب: "كنت أتحدث مع بعض الأشخاص الذين يحتمون حاليًا في مبنى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. سألوني 'ماذا علينا أن نفعل؟ أين يجب أن نذهب وكيف يمكننا حماية أطفالنا؟' لم أتمكن من الإجابة عليهم لأن لدي نفس الأسئلة. 

 

قصص عن فقدان الأحباء

وكجزء من عمله، يحاول عمرو تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان ومعاناة الناس في غزة؛ يستمع إلى قصص الموظفين والنازحين المقيمين في المقر الرئيسي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: قصص عن فقدان الأحباء، والإصابة، والإخلاء والتهجير.

"هناك الكثير من القصص المأساوية التي حُفرت في ذاكرتي، من المشاهد التي شاهدتها أثناء استجابتي للجرحى والقتلى وعائلاتهم؛ هذه المشاهد لن تمحى من ذاكرتي أبدًا. أنا أعاني من الأرق لأنني أخشى أن يواجه أحبائي نفس المصير".

سمع عمرو قصصًا من أصدقاء أجبروا على السير لساعات طويلة من مدينة غزة شمالاً إلى جنوب قطاع غزة، وتعرّضوا للقصف على طول الطريق، واضطروا للعودة من حيث أتوا خلال محاولتهم الأولى للفرار.

“كانت شقيقة صديقي مرعوبة، ولم تكن قادرة على الحركة في ذلك الوقت. كان عليه أن يساعدها على المشي، بينما كان يساعد أيضًا أطفاله الثلاثة. في النهاية، تمكّنت العائلة بأكملها من الوصول الى وجهتها،" قال عمرو. 

كجزء من عمله، التقط عمرو علي صورًا كهذه، وروى قصص النازحين بسبب القتال. الآن، أصبح هو وعائلته نازحين ويعيشون في مخيم.

كجزء من عمله، التقط عمرو علي صورًا كهذه، وروى قصص النازحين بسبب القتال. الآن، أصبح هو وعائلته نازحين ويعيشون في مخيم.

صورة: جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني / عمرو علي

في حالة تنقّل متواصل  

وبسبب النزاع، غادر عمرو الشمال مع عائلته، وانتقل مؤقتًا إلى منزل شقيقه في خان يونس، حيث يقيم 30 شخصًا أيضًا. وهو لا يعرف شيئاً عن الوضع الحالي لمنزله، وآخر ما تلقاه هو صورة تُظهر تعرض منزله لأضرار جزئية. إلا أن ما يقلقه ليس المنزل، بل الأطفال.

"إن الوضع سيء للغاية بالنسبة للأطفال. إنهم خائفون، ولا يعرفون ما يحدث أو لماذا يحدث. أحاول أن ألعب معهم، وأصدر أصواتًا عالية لإلهائهم عما يحدث في الخارج،" قال عمرو.  

وأضاف: "منذ بضعة أيام، طلب مني ابني أن أعد له سندويش، لأنه كان يتضور جوعًا. لم أتمكن من تحضير أي شيء لأنه لم يكن لدينا دقيق القمح، ولا خبز، ولا بسكويت."

"أشعر وكأنني والد عديم الفائدة، لا يستطيع أن يفعل أبسط الأشياء لابنه." 

 

الانقطاع عن الاتصال

ومع تفاقم الوضع، اضطر عمرو وعائلته إلى الانتقال إلى الجنوب، حيث لا يعرفون أحداً وليس لديهم مكان يقيمون فيه. وتعيش الأسرة حاليًا في خيمة.

ومثل الكثيرين من الذين يعانون بسبب الأزمة، انقطع عمرو عن الاتصال. إن تدمير البنية التحتية جعل الاتصالات شبه مستحيلة، حتى بالنسبة لمتخصص في مجال التواصل مثل عمرو. والمحاولات الأخيرة للتواصل مع عمرو، للاطمئنان عليه والحصول على بعض أعماله الفوتوغرافية في غزة، باءت بالفشل.

إن قصة عمرو تشبه قصص الكثيرين في جميع أنحاء قطاع غزة، حيث يصبح الغذاء والماء أقل وفرة يومًا بعد يوم، وترتفع معدلات الإصابة بالأمراض، في حين تكافح الأسر لمعرفة ما يجب القيام به بينما تستمر اعمال العنف.

يقدم موظفو ومتطوعو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الرعاية الطبية في المستشفيات والمراكز الطبية، وخدمات الإسعاف، ومعلومات عن الصحة العامة، والدعم النفسي والاجتماعي، للناس في غزة. وتقوم الفرق أيضًا بتنسيق عملية استلام وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، مثل الغذاء والماء والأدوية وغيرها من مواد الإغائة. وهم يفعلون ذلك بالرغم من خوفهم على أسرهم وقلقهم بشأن الظروف الصعبة التي يعيشونها هم أنفسهم. 

أخبار ذات صلة