المساعدات النقدية في كوستاريكا وبنما: حكاية مدينتين تشتركان في الاسم وفي قصة عن الصمود والتعافي والتضامن
أنى غريس سوليس وليونيل رودريغيز يعيشان على بُعد أكثر من 800 كيلومتر، ولم يلتقيا من قبل. لكن لديهما قواسم مشتركة مثيرة للاهتمام.أولًا، كلاهما يعيش في بلدة تُدعى "بيبيديرو"؛ في الإسبانية، تعني الكلمة عادةً مكانًا يُؤخذ منه الماء، كالبئر أو النهر).وثانيًا، كلاهما تأثر بشدة بالأمطار الغزيرة الناتجة عن العاصفة المدارية "سارا" في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بالإضافة إلى ضغوط جوية منخفضة أخرى تسببت بفيضانات غير مسبوقة في المنطقة.رغم أن البلدتين تبعدان عن بعضهما، إحداهما تقع في شمال المحيط الهادئ بكوستاريكا، والأخرى في مقاطعة "لوس سانتوس" ببنما، إلا أن الأضرار التي لحقت بهما كانت جسيمة.في ذلك الشهر، كان أكثر من 1.1 مليون شخص في خطر بسبب الفيضانات وارتفاع منسوب الأنهار والانهيارات الأرضية الناتجة عن الطقس القاسي.كانت فترة صعبة حقًا.تقول أنى غريس، من بيبيديرو في كوستاريكا: "لا نعلم إلى أي حد سترتفع المياه. كنا نرفع الأغراض إلى مستوى معين ونتأمل ألا تصل المياه إليها. الآن، كل مرة تقع فيها فيضانات، نخسر شيئًا جديدًا".على امتداد الساحل الهادئ، من "غواناكاستي" و"بونتاريناس" في كوستاريكا إلى "فيراغواس" و"بنما إيستي" ومنطقة "نغابي-بوغليه" في بنما، تم إجلاء مجتمعات بأكملها، وانقطعت الاتصالات، وتكبد الناس خسائر اقتصادية كبيرة.لكن من حسن الحظ أن هناك قاسمًا مشتركًا آخر بين البلدتين: كلاهما حصل على دعم من فرق الصليب الأحمر المحلية قبل الأزمة وأثناءها وبعدها.قال ليونيل، من بيبيديرو في بنما: "نحن ممتنون لأنهم وصلوا إلينا رغم صعوبة الوضع، وقدموا لنا المساعدة التي كنا في أمس الحاجة إليها".عمليتان، وتمويل واحد: صندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث (IFRC-DREF)جاء هذا الدعم بشكل كبير من "صندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث" التابع للاتحاد الدولي، وهو صندوق يُستخدم للاستجابة السريعة من خلال أموال يتم توفيرها مسبقًا من قبل المتبرعين.وفي مواجهة أزمة عابرة للحدود، أطلقت جمعيتا الصليب الأحمر في كوستاريكا وبنما عمليتين إنسانيتين بدعم من الصندوق، كل واحدة في بلدها.شملت الاستجابة خدمات صحية، ومياه نظيفة، وحماية للفئات الأكثر هشاشة، وأداة باتت تُقدَّر بشكل متزايد بفضل أثرها الإيجابي: المساعدات النقدية.سعى الصليب الأحمر في كوستاريكا إلى دعم 7,500 شخص، وركّز على مقاطعتي غواناكاستي وبونتاريناس. من بين هؤلاء، تلقى 4,000 شخص مساعدات نقدية، ما مكّن المتضررين من تحديد أولوياتهم واتخاذ قراراتهم بأنفسهم حسب احتياجاتهم.وبعد إجراء احصاءات مجتمعية لتحديد الأسر الأشد ضعفًا، نظّمت الفرق عملية توزيع بطاقات مصرفية في أماكن آمنة وسهلة الوصول، مع احترام خصوصية وكرامة العائلات.توضح أبيغيل لوبيز، منسقة الطوارئ لصندوق IFRC-DREF في كوستاريكا: "توفير المساعدات المالية يُمكّن الأسرة من إدارة احتياجاتها بشكل مستقل ووفقًا لواقعها الخاص، وهذا أمر جوهري".بالنسبة لفيديل إسبينوزا، وهو مريض غسيل كلى تم إجلاؤه خلال الأزمة، ساعدته الأموال على تعويض جزء مما فقده: "خسرت الغسالة والكراسي والطاولة والمطبخ. الشيء الوحيد الذي تبقى هو شراء غسالة جديدة، لأن السيدة التي تساعدني تضطر للغسل يدويًا الآن".كما نظّمت فرق الصليب الأحمر حملات صحية للتوعية بالنظافة العامة، وإدارة النفايات بعد الفيضانات، والوقاية من الأمراض. وتم توزيع مستلزمات تنظيف، وعبوات مياه، ومواد طرد الحشرات لتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود الصحي.أما في بنما، فقد تمكن الصليب الأحمر من مساعدة 2,500 شخص من خلال عملية مماثلة لتلك التي نُفذت في كوستاريكا.كان تسليم المساعدات النقدية قائمًا على مشاركة المجتمعات: أُجريت تقييمات اجتماعية واقتصادية، وتم التحقق من بيانات الأسر، ونُظمت أيام لتوزيع البطاقات المصرفية، وتم تقديم إرشادات حول كيفية استخدام المال بأمان. وخلال التوزيع، نُظمت أنشطة دعم نفسي للأطفال.ثم قامت العائلات بإنفاق الأموال على ما رأت أنه ضروري لها: طعام، أدوية، أدوات لإعادة البناء، أو مستلزمات مدرسية.تقول ماريسين بيمينتيل، وهي من المتضررين من الفيضانات في بلدة فلوريس: "كانت المساعدة ممتازة، حتى من الناحية النفسية. أرشدنا الصليب الأحمر في أمور لم نكن نعرفها وقت حدوث الفيضانات، ونحن حقًا نشكرهم من أعماق قلوبنا. الآن، إذا واجهتنا فيضانات أخرى، فنحن نعرف كيف نتصرف".