أحلام وآمال ومخاوف في مخيمات بنغلاديش

A distribution of soap by Bangladesh Red Crescent volunteers in the Widows Block, Kutapalong camp, Coxs Bazar, Bangladesh. Staying clean and healthy is a challenge in the camp, where the dried earth b

متطوعو الهلال الأحمر البنغلاديشي يوزعون الصابون في مجمع الأرامل في مخيم كوتابالونغ في كوكس بازار، بنغلاديش

صورة: جمعية الهلال الأحمر البنغلاديشي

بقلم فريد علم، البالغ من العمر 21 عاماً، والمقيم في مخيم كوتوبالونغ، والذي فرّ والديه من راخين، ميانمار منذ قرابة 30 عاماً. فريد متطوع في الهلال الأحمر البنغلاديشي يعمل جنباً إلى جنب مع عمليات الصليب الأحمر الدولية.

عندما ولدت في مخيم كوتوبالونغ في بنغلاديش، كان مكاناً مختلفاً تماماً. أتذكر الضحكات والطائرات الورقية عندما كنت طفل مع أصدقائي. لم تعد الطائرات الورقية تحلق فوق مخيماتنا. وهناك القليل من الضحكات.

فريد علم، 21 عاما، من سكان مخيم كوتوبالونغ في بنغلاديش

فريد علم، 21 عاما، من سكان مخيم كوتوبالونغ في بنغلاديش

صورة: جمعية الهلال الأحمر البنغلاديشي

 

قبل أشهر فقط، كنا نعيش في عالم مختلف. اعتدنا الخروج كثيراً، بحثاً عن الحرية من منازلنا الصغيرة المصنوعة من الخيزران والبلاستيك. لكن الآن، بسبب كوفيد-19 لا يمكننا ذلك. كثيراً ما يُطلب منا البقاء في الداخل. الجو حار والمكان ضيق لأنّ لدي عائلة كبيرة، إذ يعيش تسعة منا في غرفة واحدة.

التباعد الجسدي غير ممكن في منازلنا. إنّه نفس الشيء بالنسبة لمعظم الذين يعيشون هنا. بالكاد يوجد لدينا أقنعة ومعدات وقاية أخرى في المخيمات. ليس لدينا فكرة كيف لا نزال نعيش.

يبدو أنّ معظم الناس في المخيمات لا يهتمون كثيراً، وخصوصاً لكوفيد-19. همنا الأساسي هو كرامتنا، سلامتنا، والأمل في مستقبلنا. نحن لا نحارب فيروس كورونا فقط هنا. نحن نحارب أكثر من ذلك بكثير. لدي معرفة عن كوفيد-19 لكن معظم الناس في المخيمات لم يسمعوا به. لا يعرف الكثيرون ما هو هذا الفيروس.

لقد رأينا العديد من المنظمات تستخدم مكبرات الصوت لتوعية الناس حول فيروس كورونا. هذا لا ينفع. يتحدثون بسرعة كبيرة ويتحركون بسرعة كبيرة. في المقابل، يقوم متطوعو الهلال الأحمر البنغلاديشي في مجتمعنا بعمل رائع وهم يتنقلون من بيت إلى بيت. أرى الناس يفهمون الآن. هذا يساعد كثيراً.

أرى هذا المكان مليئاً بالمعاناة. من الفجر حتى الغسق، نتحمل تحديات: العثور على الطعام، إصلاح منازلنا، الحفاظ على سلامتنا، أو البحث عن الماء. حياتنا مليئة بالقيود. معظمنا لا يملك فرصة القراءة والكتابة.

عندما أستطيع، أقضي الوقت في القراءة. أحب التاريخ والأدب الانكليزي. منذ طفولتي، أردت أن أصبح مدرساً. لقد درست حتى سنتي الثامنة حيث لم يُسمح لنا بمزيد من التعليم أكثر من ذلك. كان من الصعب جدا قبول ذلك. منذ ذلك الحين وأنا أدرس بنفسي. كان حلمي أن أصبح مدرساً.

لكن حياتي أصبحت صعبة للغاية في الفترة الأخيرة بسبب مرض والدي. لسنوات عديدة، تطوع والدي البالغ من العمر 48 عاماً في عمليات الهلال الأحمر البنغلاديشي في المخيمات. كانت عائلتنا بأكملها تعتمد على إعالته ومساعدته التي تلقيناها. لقد أصيب بمشاكل في القلب ومضاعفات صحية أخرى.

منذ أن كان عمري 14 عاماً، وأنا متطوع مع الهلال الأحمر. لقد كنت أعمل قدر المستطاع، حوالي أسبوعين في الشهر وأحصل على بدل بسيط. هذا المال هو كل ما لدينا. أريد أن أدعم عائلتي من كل قلبي.

أحاول حماية عائلتي من كوفيد-19. لقد جاء والداي إلى هنا بعد الفرار من راخين في ميانمار منذ نحو 30 عاماً. كل يوم أشعر بالقلق على والدتي التي تعاني من مرض مزمن في الكلى.

ملاجئنا تتقادم. الهياكل المصنوعة من الخيزران والبلاستيك والقماش المشمع تتآكل. عندما تمطر، غالباً ما تصب المياه في منازلنا. إنّه موسم الرياح الموسمية الآن، وهي تمطر بغزارة، لذا من الصعب جداً النوم.

غالباً ما ننتظر في طابور للوصول إلى المرحاض ومنطقة الاستحمام. يتشارك ذلك 25-30 شخصاً. تخشى والدتي وأختي الخروج ليلاً لاستخدام المرحاض. لا توجد إضاءة، إذ عليهم أن يذهبوا في الظلام الدامس. كثيرا ما أذهب لمساندتهم. الأمور أسوأ عندما يتكون الوحل من الأمطار الموسمية.

أحدق في سطح ملجأنا، اسمع صوت الناس يتحدثون من دون توقف. ليس لدينا مساحة شخصية. لا خصوصية على الإطلاق.

كما لو أنّ حياتنا ليست صعبة بما فيه الكفاية، حتى نتحمل وجود فئران وجرذان كبيرة مثل القطط. غالباً ما يقومون بعمل المزيد من الثقوب في القماش المشمع لدينا.

أجد الوقت لمساعدة أطفال جيراني في القراءة والكتابة. أعلمهم الرياضيات، اللغة العربية، والإنكليزية. أنا أحب تعليمهم. لا أريد أن يضيّع الأطفال في مجتمعي مستقبلهم. منذ توقف الأنشطة التعليمية الرسمية، أعتقد أن الأطفال سوف ينسون الدروس التي تلقوها من قبل معلميهم في الماضي. كذلك، أتحدث معهم حول المخاطر التي نواجهها بسبب كوفيد-19.

لو كنت مواطناً في أي بلد، كان يمكنني إنهاء تعليمي. أود متابعة التعليم العالي. إذا كان بإمكاني أن أصبح مدرساً وأعمل، لكنت أرغب في تقديم دعم أفضل لعائلتي. لكنني لست ذلك الشخص المحظوظ. أنا عالق هنا. لا أعلم ماذا سيحدث لي ولعائلتي في الأيام المقبلة. مهما حدث، سنواجهه معاً.

كل ما أريده هو أن أنسى كل شيء وأبدأ حياة جديدة. كسب القليل من أجل البقاء على قيد الحياة، والعيش حياة بسيطة للغاية مع عائلتي.

أخبار ذات صلة