جنيف/ بودابست/كييف، 16 فبراير/شباط 2024 - بعد مرور عامين على تصاعد النزاع المسلح الدولي بين روسيا وأوكرانيا، فإن التكلفة البشرية مرتفعة للغاية، ولا نهاية في الأفق. ولم يفقد الكثيرون أحباءهم ومنازلهم وسبل عيشهم ومدخراتهم فحسب، بل إن الملايين من الأوكرانيين يكافحون تحت وطأة الديون المتزايدة. تمكن بعض الأشخاص من البدء من جديد، إلا أن احتياجات البعض الآخر تتزايد في الوقت الذي تتقلص فيه البرامج الإنسانية والحكومية، أو تنتهي تمامًا.
وجدت دراسة أجراها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أن أكثر من 50% من الأشخاص في أوكرانيا، بالإضافة الى الذين يعيشون في أجزاء أخرى من أوروبا، لا يزال لديهم احتياجات طارئة لم تتم تلبيتها، مثل المساعدة الطبية، والسكن والتوظيف. وهذا يجبرهم على تكبد الديون أو قبول وظائف منخفضة الأجر أو خطرة أو تعرضهم للتهميش. علاوة على ذلك، تتزايد الخسائر المتعلقة بالصحة النفسية.
وقالت المديرة الإقليمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في أوروبا، بيرجيت بيشوف إيبيسن:
"لقد اضطر الكثير من الناس داخل أوكرانيا وخارجها إلى البدء من الصفر. بالنسبة للفئات المهمشة، مثل كبار السن، ترتفع الاحتياجات بشكل كبير لأنهم أكثر عزلة، ويكافحون للوصول إلى الخدمات وفرص كسب الدخل. وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وعدم اليقين الاقتصادي، أدى الاعتماد على الدخل الضئيل وغير المنتظم لمدة عامين إلى استنفاد مدخرات الناس.
وفي البلدان المجاورة، يقترض ثلث الأوكرانيين المال للعيش. وقد تنفق الأسر أكثر من خمس دخلها لتسديد الديون، الأمر الذي يمكن أن يشكل عبئًا كبيرًا ومصدرًا للقلق. إن مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لما يقرب من 60 في المائة من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة هو الوضع العام في أوكرانيا، وقال ما يقرب من نصف الأشخاص إنهم قلقون بشأن مستقبلهم الغامض.
إن شبكة جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر التابعة للاتحاد الدولي نفذت استجابة عالمية حقيقية، مما يضمن حصول 18 مليون شخص على الدعم في 60 دولة. ويشمل ذلك الإغاثة الفورية، وخدمات الصحة والرعاية، وخدمات الصحة النفسية، والدعم النفسي والاجتماعي، فضلاً عن دعم الإسكان. لقد كانت المساعدات النقدية بمثابة شريان الحياة لأكثر من 1.1 مليون شخص في أوكرانيا وفي جميع أنحاء أوروبا، حيث منعتهم من الوقوع في المزيد من الديون، وساعدتهم في دفع الإيجار والرعاية الصحية والتعليم.
داخل أوكرانيا، لا يزال القتال والقصف واقعاً يومياً بالنسبة للملايين. يعيش الناس مع حالة عدم اليقين هذه كل يوم. وقد جعل الشتاء الوضع أكثر صعوبة، خصوصًا بعد أن تضررت أو دُمرت العديد من المنازل، ووسط نقص إمدادات المياه والغاز والكهرباء. وفي المناطق الأكثر تضرراً، يصعب الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويواجه الناس نقصًا في الغذاء والماء والدواء. وأعرب حوالي 55 في المائة من السكان في المناطق الأكثر تضرراً عن حاجتهم إلى تلبية الاحتياجات العاجلة، حيث لم يتمكن سوى 23 في المائة منهم من الحصول على المساعدة الإنسانية.
وقال ماكسيم دوتسينكو، المدير العام للصليب الأحمر الأوكراني:
"لقد فقد ملايين الأشخاص أحبائهم، ومنازلهم وجميع ممتلكاتهم. وعليهم أن يبدأوا حياتهم من الصفر. وعلى الرغم من القصف المستمر وتضرر البنية التحتية، تمكن الصليب الأحمر الأوكراني من مساعدة أكثر من 12 مليون شخص. بفضل عمل فريقنا، الذي يبذل جهودًا دؤوبة على مدار 24 ساعة يوميًا، سبعة أيام في الأسبوع، تمكنّا من توفير الضروريات الأساسية للفئات الأكثر ضعفًا، وإجلائهم من المواقع الخطرة ومن التواجد في الأماكن حيث تشتد الحاجة إلى مساعدتنا".
يعمل الصليب الأحمر الأوكراني بجهد لتوفير خدمات الطوارئ للمتضررين من القتال المستمر، بينما يدعم أيضًا جهود التعافي وإعادة الإعمار في أجزاء كثيرة من أوكرانيا. ويشمل ذلك خدمات الرعاية الاجتماعية، والمساعدة في إصلاح المنازل، وقروض للمشاريع الصغيرة، والتدريب المهني الذي يسمح للناس بتطوير مهاراتهم.
"على الرغم من التأثير المذهل الذي أحدثناه، الآن ليس الوقت المناسب لغض النظر. إن الاهتمام العالمي باوكرانيا والموارد المخصصة لها تتضاءل، ولكن الاحتياجات الإنسانية لا تزال موجودة. ومن خلال الاستثمار في برامج الاندماج الاجتماعي وإعادة التأهيل، وفي قدرات الاستجابة المحلية لحالات الطوارئ، فإن طموحنا هو مساعدة المجتمعات في أوكرانيا والبلدان المتضررة على أن تصبح أقوى وأكثر قدرة على الصمود،" أضافت إيبيسن.
المزيد حول عمل شبكة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر: دعم 18 مليون شخص متضرر في أوكرانيا وفي جميع أنحاء العالم.
من خلال أكثر من 60 جمعية وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر تستجيب على مستوى العالم لاحتياجات الأشخاص من أوكرانيا، ساعدت شبكة الاتحاد الدولي خلال العامين الماضيين 18 مليون شخص من خلال تقديم الإغاثة الفورية. كما ساعدت الشبكة أيضًا 1.8 مليون شخص في مجال الصحة والرعاية، بما في ذلك 1.1 مليون شخص في مجال الصحة النفسية، والدعم النفسي والاجتماعي. وللمساعدة في معالجة النقص في السكن، تلقى 2.2 مليون شخص الدعم في مجال السكن من قبل المجتمعات المضيفة.
لا تزال اللغة والاندماج في المجتمعات المضيفة تشكل عائقًا كبيرًا. تقدم جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر دروسًا في اللغة، وتدريبات مهنية، مما يسهل على النازحين العثور على وظائف، والتواصل بشكل أفضل مع المجتمعات المحلّية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
يعاني نداء الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في أوكرانيا والدول المتضررة من نقص في التمويل بنسبة 38 في المائة.
ولم يتلق نداء الطوارئ الذي أطلقه الاتحاد الدولي سوى 62 في المائة من التمويل المطلوب، مما يترك فجوة كبيرة في الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان المتضررين.
يعد الاستثمار في كل من المساعدات الإنسانية الفورية، وبرامج الاندماج الاجتماعي وإعادة التأهيل على المدى الطويل، أمرًا بالغ الأهمية لمساعدة المجتمعات في أوكرانيا والبلدان المتضررة على أن تصبح أقوى وأكثر قدرة على الصمود.