الفرار من القذائف واللصوص: ليا تبحث عن الأمان في السودان

Lia and her three children huddle together in a camp in Port Sudan where they are seeking safety from fighting that broke out in the country in April 2023.

ليا وأطفالها الثلاثة في مخيم في بورتسودان حيث يبحثون عن الأمان بعيداً من القتال الذي اندلع في البلاد في أبريل/نيسان 2023.

مرت ثلاثة أشهر على اندلاع الصراع في السودان، مما أجبر ما يقرب من 3 ملايين شخص على مغادرة منازلهم بحثًا عن الأمان في أماكن أخرى في السودان أو في البلدان المجاورة. ليا، من الخرطوم، هي واحدة من هؤلاء الأشخاص. في سلسلة من الرسائل الصوتية المرسلة عبر واتساب من مخيم في بورتسودان، شاركت ليا قصتها مع منسقة التواصل في الأزمات في السودان، سوزان كولينان.

كنت أعيش بسلام في الخرطوم قبل رمضان. أنا أم وحيدة وأعيش مع أطفالي. أنا مخرجة وكاتبة سيناريو، وكنت قد أطلقت مشروعي الخاص. كانت الأمور جيدة جداً وكنت سعيدة بحياتي إلى أن بدأت الحرب".

"في يوم الذي بدأت الحرب، جاء جارنا وأخبرنا أن هناك مشاكل في الخارج. تعودنا على أعمال الشغب - فنحن نتعرض لها كل يوم. ولكن أخبرنا أن كل شيء مغلق ولا أحد يذهب الى الخارج، إنهم يقصفون في كل مكان، إنها حرب حقيقية.

"سمعنا قصفًا متواصلًا في الخارج. الأصوات كانت مرتفعة جداً، والأطفال كانوا خائفين جداً. لم يكن هناك أي شيء يمكن شراؤه من المحلات، ولم يكن لدينا أي شيء في المنزل، لذلك كانت الأمور صعبة للغاية حقًا. مكثنا أسبوعًا في هذه الظروف، ثم قالوا لنا أن هناك وقفًا لإطلاق النار لإعطاء الناس الوقت للبحث عن مخبأ".

قررت ليا السفر مع أطفالها وأفراد أسرتها الآخرين إلى أم درمان، وهي مدينة تقع على الضفة الغربية لنهر النيل شمال غرب الخرطوم، للبقاء مع والدها.

"لقد رأينا الكثير من الأمور على الطريق. كان هناك أشخاص يحملون أسلحة يسألوننا عما إذا كنا سنهاجمهم. أخبرتهم أننا لسنا أعداءهم بينما كنا احاول تهدئة أطفالي، إلا أنهم كانوا خائفين للغاية.  

كانت أم درمان آمنة نوعًا ما. في البداية سمعنا إطلاق نار، لكن فجأة بعد يومين بدأوا في القصف بالقرب منا وخفت من عدم وجود مكان آمن حول الخرطوم على الإطلاق. لم أستطع النوم. كنت أنظر إلى السماء - أرى كل طائرات التي تطلق النار والقذائق".

بقيت ليا وعائلتها في أم درمان لأيام قليلة أخرى حتى اقتحم سارق مسلّح منزلهم وسرقهم أثناء نومهم؛ عندها، قررت ليا أن الوضع غير آمن وأنه حان الوقت للتوجه إلى الساحل. توسلت الى والدها أن يأتي معها، لكنه رفض مغادرة منزله.

قبل التوجه إلى برّ الأمان، كانت ليا بحاجة إلى العودة إلى منزلها في الخرطوم لاستلام وثائق هوية عائلتها في حالة احتياجهم لمغادرة البلاد. امتدت رحلة التاكسي التي تستغرق عادة 30 دقيقة لساعات متتالية، حيث حاول سائق التاكسي إيجاد شوارع آمنة في الخرطوم لتجنب العنف.  

وصلنا إلى المنزل. كان الوقت متأخراً جداً. كنا نشعر بالحزن الشديد وبكينا جميعاً. جلسنا أمام منزلنا حتى الصباح لأنني لم أجد المفتاح. لم ينام أي منا. كنت أحتضن أطفالي طوال الوقت.  

"جاء الصباح. توقف إطلاق النار قليلاً وكان لدينا أمل. لكن فجأة بدأ اطلاق النار مجدداً. كسرنا قفل المنزل وأخذنا أوراقنا وبعض حاجياتنا".

ثم انطلقت ليا وأطفالها في رحلة طويلة إلى بورتسودان، على بعد أكثر من 800 كيلومتر على الساحل.

أطفال ليا يجلسون مع أطفال آخرين في مخيم للنازحين داخليًا في بورتسودان.

أطفال ليا يجلسون مع أطفال آخرين في مخيم للنازحين داخليًا في بورتسودان.

تمكنا من الفرار إلى المكان الذي كانت تغادر فيه الحافلات من الخرطوم. كنا على الطريق لمدة أربعة أيام تقريبًا، توقفنا في مدن مختلفة في فترات الليل، وننام على الأرض بجوار الحافلة. لقد قرعنا أبواب منازل الغرباء، وساعدونا لأنهم كانوا يعرفون أن هناك حربًا في الخرطوم. أعطونا معدات للطبخ حتى أتمكن من الطهي وسمحوا لنا باستخدام حمامهم.

"كان الأمر صعب. كان مقبولاً بالنسبة لي، لكن أطفالي لم يتعرضوا لمثل هذا الموقف من قبل. لا أحد يختار أن يعيش هذا النوع من الحياة أو يختار الحرب، لكننا وجدنا أنفسنا في هذا الموقف".

في النهاية، وصلوا إلى بورتسودان. على الرغم من أنها أقل خطورة من الخرطوم، فقد كافحت ليا للعثور على مكان مناسب لتعيش فيه أسرتها.

ذهبت إلى المخيم الأول وكان الوضع سيئًا للغاية. مكثنا هناك لأكثر من أسبوع بقليل ولكن لم نتمكن من البقاء لفترة أطول. كان أطفالي مرضى، لذلك انتقلنا إلى الشاطئ. اعتقدت أنه سيكون أفضل ولكن في فترة ما بعد الظهر كان جهنم. لا يمكنكم البقاء تحت الشمس بشكل مباشر. بعد ذلك، تم نقلنا إلى مخيم آخر حيث مكثنا لمدة شهر، ثم إلى مخيم آخر. إن الوضع أفضل حالياً لكن الأمور لا تزال سيئة. لا يمكن اعتبار المخيم منزلاً. ولكن على الأقل المخيم هذا أفضل قليلاً مقارنة بالآخرين. "

عندما سُئلت كيف ساعدتها جمعية الهلال الأحمر السوداني طوال محنتها، وما الفرق الذي أحدثته، قالت ليا:

"الفرق واضح. كان الهلال الأحمر موجودًا دائمًا منذ البداية لتقديم يد المساعدة في أوقات الحاجة.

"أحضروا لنا أطبّاء وأدوية وبعض الطعام".

بالنسبة للمستقبل؟

"أشكر الله أننا على قيد الحياة. رغم أننا فقدنا الكثير من الأشياء، إلا أننا أحياء ونتنفس وأولادي بجانبي. أنا فقط أدعو الله أن تتحسن الأمور مرة أخرى ذات يوم وأدعو أن تصبح الخرطوم آمنة مرة أخرى.

"لا أريد أن أسافر بعد الآن. أريد أن تكون حياتنا وبلدنا بأمان وأن تتوقف كل المشاكل حتى نتمكن من الاستمرار في فعل الأشياء التي نحلم بها ".

-

لقد فقد أكثر من 1000 شخص حياتهم منذ اندلاع النزاع في السودان في 15 أبريل/نيسان، وأصيب أكثر من 12,000 في القتال.

تواصل جمعية الهلال الأحمر السوداني، بدعم من شبكة الاتحاد الدولي، تقديم المساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها على الرغم من التحديات الأمنية في البلاد.

لمساعدة أشخاص مثل ليا داخل السودان، يرجى التبرع لنداء الطوارئ الخاص بنا. يمكنكم العثور على معلومات حول العمل الذي سيدعمه تبرعكم هنا.

أخبار ذات صلة