بقلم مير عبد التواب رضوي ورايتشل بونيثا
دمرت الزلازل التي ضربت ولاية هرات بغرب أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 2023 المنازل، وأودت بحياة الأشخاص في مدينة هرات، اضافة الى أكثر من 380 قرية جبلية.
ووجد الناجون أنفسهم بوجه واقع قاسٍ، يتّسم بالخسارة واليأس، مع اقتراب فصل الشتاء وتحول منازلهم إلى أكوام من الردم.
كانت العائلات تقوم برعاية قطعان صغيرة من الأغنام، إلا أنها تواجه الآن التحدي الهائل المتمثل في إعادة بناء حياتها وسبل عيشها. لكن حاجاتها الأكثر إلحاحًا هي توفير مأوى آمن ودافئ مع استمرار انخفاض درجات الحرارة.
"نحن بحاجة إلى المساعدة في إعادة بناء منازلنا"، يقول القرويون باستمرار لفرق الهلال الأحمر الأفغاني والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي تزور القرى وتقدم مجموعة واسعة من المساعدات.
صورة: مير عبدالله راسخ / الهلال الأحمر الأفغاني
هناك حاجة طارئة لمزيد من الدعم
يعمل الهلال الأحمر الأفغاني مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر معًا لمساعدة السكان على إعادة بناء منازلهم. وقد حشد الهلال الأحمر الأفغاني أكثر من 200 موظف ومتطوع، ليصل إلى أكثر من 112,000 شخص في 40 قرية من خلال توفير المأوى في حالات الطوارئ، والمستلزمات المنزلية، والغذاء والخدمات الصحية، والإمداد بالمياه، الإصحاح والنهوض بالنظافة.
وقد وصلت المساعدات الغذائية التي قدموها إلى أكثر من 7,300 أسرة، في حين تم تقديم مساعدات نقدية بقيمة تزيد عن 22,000 دولار أمريكي (1,568,000 أفغاني) إلى 410 أسر. وتم تقديم الخدمات الصحية، بما في ذلك الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، إلى أكثر من 12,000 شخص، بدعم من الصليب الأحمر الدنماركي، والصليب الأحمر النرويجي، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
في المرحلة الأولى بعد حدوث الزلازل، تم توزيع أكثر من 15,000 قطعة من مواد الإيواء الطارئة (قماش مشمع أو خيام)، بينما يعمل موظفو ومتطوعو فرق الصليب الأحمر والهلال الأحمر على مدار الساعة للتوصل إلى حلول مناسبة للمأوى الدائم. ومنذ ذلك الحين، يعمل مهندسو المآوي في مختلف المناطق، بحيث يقومون بتقييم الاحتياجات وتلبيتها.
وبالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الأفغاني، قام الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بحشد دعم مالي إضافي لهيرات من خلال شبكته، ونداء الطوارئ المخصص للأزمة الإنسانية في أفغانستان. ولكن هناك حاجة إلى المزيد لضمان حصول الناس في ولاية هيرات على ما يحتاجون إليه للتأقلم مع ليالي البرد القارس.
صورة: مير عبدالله راسخ / الهلال الأحمر الأفغاني
الحَفر للبقاء دافئين
في إحدى القرى الواقعة على سفح الجبل، يكافح عبد القيوم لإعالة أربعة أطفال، من بينهم طفلان صغيران. وبما أن خيمتهم لم توفر لهم سوى القليل من الحماية ضد البرد القارس والرياح القوية، خاصة في الليل، فقد كان الأطفال يرتجفون كل ليلة.
ومع غياب خيارات أخرى، بدأ عبد القيوم العمل بلا كلل، وحَفر في الأرض في محاولة يائسة لخلق مساحة أكثر أمانًا، حيث يمكنه الاستقرار فيها مع أطفاله الى أن تمرّ الرياح العاصفة. في عيناه كان مزيجاً من الإصرار واليأس وهو يشرح محنة عائلته.
وفي هذه القرية، تعرّفت فرق الاتحاد الدولي أيضًا على مجموعة من الأمهات والجدّات اللاتي كن يحاولن نصب خيمة بأيديهن في البرد، ويأملن أن تصمد أمام رياح الليل العاتية.
صورة: مير عبدالله راسخ / الهلال الأحمر الأفغاني
مأوى متين
تعمل الفرق المتخصصة في مجال المأوى التابعة للهلال الأحمر الأفغاني، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بشكل عاجل مع المنظمات الإنسانية الأخرى للحصول على موافقة على تصميم لمأوى يمكن بناؤه محليًا وقادرًا على تحمل المزيد من الصدمات.
يقول أحد المتخصصين في مجال المآوي لدى الاتحاد الدولي، المتواجد في هيرات: "سوف نقوم بتضمين متطوعين من القرى، وبنّائين محليين من المدن، في دوراتنا التدريبية حول كيفية تركيب الدعامات المناسبة لجدران ملاجئهم الجديدة".
"كانت المنازل التي دُمرت في الزلزال كلها مبنية من الطين، وتم بناؤها يدوياً. لسوء الحظ، هذا هو سبب تحولهم إلى ركام بهذه السرعة.
"الآن نريد الحرص على أنهم يعرفون كيفية وضع الدعامات المعدنية أو حتى الخشبية في جدرانهم وأسطحهم حتى تتمكن منازلهم من تحمّل صدمات أكبر."
صورة: مير عبدالله راسخ / الهلال الأحمر الأفغاني
'املي الوحيد'
حاليًا، يحاول الناس البقاء متفائلين، حتى وهم يحزنون على ما فقدوه. تقول حليمة (ليس اسمها الحقيقي) البالغة من العمر 45 عامًا، إنها قادرة على الاستمتاع ببعض الدفء لفترة قصيرة عندما تقوم بالطهي في خيمتها كوسيلة للتدفئة. وهي تعترف بأنه ليس أمرًا آمنًا، ولكن ليس لديها خيار آخر.
كانت حليمة قد تبنّت طفلاً صغيراً من مجتمعها، بحيث لم يكن لديها أي أطفال. وتقول إن هذه إحدى الطرق العديدة التي يعتني بها الناس ببعضهم البعض في المجتمع.
للأسف، فقد ابنها بالتبني حياته في الزلزال.
وتقول بألم شديد: "لقد كان أملي الوحيد".