ليس هناك شك في أن موجات الحرّ أصبحت أكثر تواترًا وشدة، كما يمكنها أن تقتل. إنها في الواقع واحدة من أكثر الظواهر المناخية فتكًا والتي تؤثر على الناس في جميع أنحاء العالم اليوم.
ولكن، لا تحصل موجات الحرّ على الاهتمام والعمل اللازم للتخفيف من آثارها. وعلى عكس الأعاصير أو الفيضانات أو العواصف، فهي غير مرئية نسبيًا. غالبًا ما تبدأ تدريجيًا، ولا يتم دائمًا الإبلاغ عن الأشخاص الذين يموتون أو يمرضون بسببها. وكما قال الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر مؤخراً، فإن الحرّ الشديد هو القاتل الصامت لتغير المناخ.
ولهذا السبب قرر مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر أن يذهب إلى ما هو أبعد من الكلمات لتوصيل الرسالة خلال الفترة التي تسبق يوم مواجهة الحرّ في 2 يونيو/حزيران. تحت شعار الفن الحضري لمواجهة الحرّ، دعا مركز المناخ الناس إلى صنع ومشاركة أعمالهم الفنية حول موضوع الحرّ الشديد.
وللمساعدة في تأجيج نيران الإبداع، قام مركز المناخ بتكليف فنانين، أندرو راي وروسكين كايل، لتطوير صور حول تأثير موجات الحرّ على المناطق الحضرية الكبيرة.
صورة: أندرو راي / روسكين كايل / مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر
"غزو فضائي"
أدرك الفنانان أنهما بحاجة إلى ابتكار شيء يجذب انتباه الناس، لذا اختارا أن يرويا قصة موجات الحرّ كما لو أنها مشهد من فيلم هوليوودي.
وقال راي في مقابلة أجريت معه مؤخرًا: "لقد فكرنا في أفلام نهاية العالم الكلاسيكية مثل Independence Day أو Godzilla، ولذا قررنا تجسيد خطر الحرّ على أنه روبوت عملاق أو مخلوق فضائي".
ومثلما ساهم البشر في خلق وحش الحرّ الشديد هذا، ابتكر الفنانان هذه الوحوش لإظهار كيف يستجيب العالم للتهديد المتزايد لحالات الطوارئ المرتبطة بالحرّ الشديد.
وقال: "إذا تم تسخين الكوكب تدريجياً بواسطة الروبوتات الفضائية أو دولة معادية، فإن الحكومات والشعوب سوف تتصرف بسرعة كبيرة. لسوء الحظ، بما أننا نتسبب في المشكلة بأنفسنا، فمن الصعب جدًا التحرّك وإحداث التغيير. ربما إذا تمكنا من تصور المشكلة على أنها روبوت شرير، فقد يساعد ذلك في تحفيزنا على العمل."
صورة: صندوق ماهيلا للإسكان
الحفاظ على البرودة، واتخاذ الإجراءات
الفكرة هي مواصلة رفع مستوى الوعي حتى تتمكن الحكومات، ومسؤولو المدن، والشركات، والأفراد من فهم التهديد الذي يشكله الحرّ الشديد، والتخطيط له، والتصرف عند حدوثه.
فمن جدران شوارع جودفور في الهند، إلى أنفاق المترو والشوارع في هندوراس، يقوم الناس في مختلف أنحاء العالم بتنفيذ اللوحات الجدارية والرسومات، وأخذ الصور الفوتوغرافية، التي تهدف إلى إيصال الرسالة التي مفادها أن الناس يعانون، وأن هذا التهديد يجب أن يؤخذ على محمل الجدّ.
صورة: إنديغو توماس
هذه الأعمال الفنية المتنوعة جدًا معلقة في المدارس، وعلى جدران الشوارع، ويتم تجميعها في كتاب صور عبر الإنترنت أنشأه مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر. تتم إضافة أعمال فنية جديدة يوميًا مع اقتراب يوم مواجهة الحرّ.
صورة: الصليب الأحمر الهندوراسي
تُعبّر العديد من الأعمال الفنية عن الحزن والقلق، والبعض الآخر يعبر عن الغضب، أو يشارك معلومات محددة حول ما يجب فعله عند حدوث موجة حرّ.
صورة: مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر
تغطي الأعمال الفنية كل الوسائط: الطلاء على القماش، والحبر على الورق، والتصوير الفوتوغرافي، والفن الرقمي. علاوة على ذلك، تنوع الفنانون المشاركون أيضًا، سواء من حيث الخلفية أو الجنس أو العمر.
صورة: إليف إيرماك إركيك / جمعية الهلال الأحمر التركي
أبطال مواجهة موجات الحرّ
وفي حين أن العديد من الصور تعكس الواقع المرّ الذي تواجهه العديد من المجتمعات الآن، إلا أنها تنقل أيضًا إحساسًا بالأمل، بحيث لا تزال لدينا الفرصة لنكون أبطالًا في قصتنا المرتبطة بموجات الحرّ.
لا يستطيع الناس أن يفعلوا أشياء لحماية أنفسهم فحسب، كما هو موضح في الجداريات في جودفور الهند، بل يمكنهم أن يفعلوا أشياء لتغيير السرد والاستجابة الأوسع لتغير المناخ وتداعياته العديدة.
يقول روب سينغ، مستشار المخاطر المناخية في مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر: "كان من المهم إظهار أن هناك أشياء يمكن للناس القيام بها لمكافحة موجات الحرّ. في أحد الأعمال الفنية، هناك طفل يحمل حقيبة ظهر تحتوي على زجاجات مياه ومراوح، أي أشياء بسيطة، ولكن بسببها، فهو لا يهاب الحرّ. الأشعة التي يبعثها، زرقاء اللون، تتناقض مع اللون الأحمر والبرتقالي. هذه الأشعة ترمز إلى الأمل".