وقع الحادث المأساوي خلال موجة مدٍّ مرتفعة في أوائل يناير/كانون الثاني على شواطئ جزيرة مواليم، الواقعة في جزر دوك أوف يورك بشرق بابوا غينيا الجديدة.
كان طفل صغير يبلغ من العمر عامًا ونصف يلعب على الشاطئ مع أطفال آخرين عندما اشتدت الأمواج وجرفته إلى البحر. رأت امرأة كانت تسير على طول الشاطئ الطفل يطفو في الماء وأطلقت صرخة استغاثة.
هرعت والدة الطفل إلى الماء وسحبته في محاولة يائسة لإنقاذ حياته. في لحظة من الذعر، سلّمت الطفل لرجل قريب، والذي أمسك به رأسًا على عقب في محاولة لإخراج الماء من جسده - وهو مفهوم شائع في الجزيرة، لكنه خطير.
لحسن الحظ، لم تكن إليزابيث هينسيل بعيدة عن المكان عندما سمعت الصراخ والنداءات، فركضت بأسرع ما يمكن إلى الموقع.
وتتذكر إليزابيث قائلة: "طلبت من الرجل أن يضع الطفل على الأرض، ثم فحصت نبضه بسرعة وبدأت في إجراء الإنعاش القلبي الرئوي". بعد جولتين من الضغط على الصدر، استعاد الطفل وعيه وبصق كل الماء."
إليزابيث نصحت والدة الطفل بأخذه إلى المركز الصحي للمراقبة. واليوم، الطفل على قيد الحياة وبصحة جيدة.
تدريب من تنظيم جمعية الصليب الأحمر في بابوا غينيا الجديدة
إليزابيث، وهي أم لستة أطفال، شاركت مؤخرًا في تدريب الصحة المجتمعية والإسعافات الأولية الذي نظمته جمعية الصليب الأحمر في بابوا غينيا الجديدة.
أقيمت هذه التدريبات ضمن مشروع يركز على التكيف المحلي مع تغير المناخ، بالإضافة إلى ضمان شمولية وحماية جميع أفراد المجتمع. يتم تمويل المشروع من قبل جمعية الصليب الأحمر الياباني عبر بعثة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في بابوا غينيا الجديدة.
لم يزوّد هذا التدريب إليزابيث بالمهارات فحسب، بل مكّنها من إنقاذ الأرواح وتعزيز الصحة والسلامة في قريتها. وهي واحدة من بين 37 شخصًا شاركوا مؤخرًا في هذا التدريب.

هونوكا أوتا، مندوبة برنامج الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في زيارة لجزيرة مواليم لمراقبة تنفيذ المشروع.
صورة: برادلي آسا / جمعية الصليب الأحمر في بابوا غينيا الجديدة
تغير المناخ: تهديد متزايد
قصة إليزابيث تذكير صارخ بالتحديات التي تواجه مجتمعها. فمستويات البحر ترتفع تدريجيًا، ما يؤدي إلى تآكل الجزيرة شيئًا فشيئًا.
تقول إليزابيث: "يتقدم البحر نحو الداخل، والجزيرة تصبح أصغر حجمًا، ولكن عدد السكان يزداد، مما يؤدي إلى ارتفاع الكثافة السكانية. ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه، لأن هذه أرضنا."
لهذا السبب، يقوم الصليب الأحمر في بابوا غينيا الجديدة، بدعم من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بتنفيذ مشروع التكيف المناخي المحلي في خمس مقاطعات في البلاد. يهدف المشروع إلى معالجة تغير المناخ وتعزيز الحد من مخاطر الكوارث على مستوى المجتمع. كما يركز على تمكين النساء والشباب من خلال أنشطة تعزز المساواة بين الجنسين، والأمن الغذائي، والاستدامة البيئية.
يشعر السكان بآثار تغير المناخ يوميًا. فالعائلات في الجزيرة أصبحت تدفع 10 كين (2.15 فرنك سويسري) شهريًا لاستئجار أرض في الجزيرة الرئيسية بهدف الزراعة، بحيث تتقلص أراضيهم ولم تعد هناك مساحة كافية لزراعة المحاصيل الغذائية.
كما يخاطر الأطفال بحياتهم أثناء التنقل بالمراكب إلى المدارس في الجزر المجاورة، حيث يواجهون المدّ المتزايد والطقس غير المستقر. تقول إليزابيث: "عندما ترتفع مستويات البحر، يصبح من الصعب والأخطر على أطفالنا الذهاب إلى المدرسة. نحن محاصرون بين البحر والسماء."
تعزيز الصحة والسلامة المجتمعية
اكتسبت إليزابيث، بفضل مهاراتها في الصحة والإسعافات الأولية، دورًا رياديًا في مجتمعها، مستلهمة من الصعوبات التي واجهتها في الماضي. فهي الآن تعمل على توعية الأمهات بأهمية عدم ترك الأطفال من دون مراقبة.
وتقول: "قبل أن نحصل على التدريب، فقدنا ثلاثة أطفال أثناء محاولتنا نقلهم إلى أقرب مستشفى. يستغرق الوصول إلى هناك 45 دقيقة بالقارب السريع، أو من ساعة إلى ساعتين باستخدام الزورق. أما الآن، فنحن قادرون على إنقاذ الأرواح فورًا، ونتمنى لو كنا نملك هذه المعرفة في السابق."
كما شمل التدريب مهارات الولادة، وهي مهارة أساسية في مجتمع يولد فيه 2 الى 3 أطفال شهريًا. وتوضح إليزابيث: "في السابق، كانت الأمهات يعانين أثناء الولادة لأن أقرب مركز صحي يقع في جزيرة مجاورة. أما الآن، فلدينا المعرفة اللازمة لمساعدتهن على الولادة بأمان هنا، في حال لم نتمكن من الوصول إلى المركز الصحي في الوقت المناسب."
قصة إليزابيث هي شهادة على أهمية التكيف المحلي مع تغير المناخ وتعزيز القدرة على الصمود في المجتمعات المعزولة. وتختم قائلة: "نرغب في حضور تدريبات مماثلة في المستقبل، خاصة حول تغير المناخ وحماية الجنسين والإدماج. كما أن الدورات التذكيرية ستساعدنا على ترسيخ وتوسيع معرفتنا."
كتابة وتصوير برادلي آسا، مسؤول التواصل في جمعية الصليب الأحمر في بابوا غينيا الجديدة.
تعرّفوا على المزيد حول نهج الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في مجال صحة المجتمع.