فرّت من سوريا ونجت من زلزال تركيا: مكونات هدى السرية للقدرة على الصمود

Houda and two of her children enjoy a meal and a conversation together

هدى تتشارك الطعام وتتحدث مع اثنين من أطفالها

صورة: الاتحاد الدولي / الهلال الأحمر التركي

في محاولة لدعم أسرتها في منزلهم الجديد في تركيا، التحقت هدى بدورة طبخ وبدأت مشروع خاص لبيع الوجبات التي تعدّها في منزلها. الآن، عليها أن تعيد بناء حياتها مرة أخرى بعد الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.7 درجات. كلمات جو بعقليني، مسؤول تواصل في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

إن إعادة بناء حياتكم من جديد وفي مكان جديد ليس بالأمر السهل، بحيث أن إعادة بناء سنوات من العمل الشاق والتفاني يتطلب قوة نفسية وذهنية هائلة. 

بالنسبة إلى هدى الفاضل، لم يكن بدء حياتها من جديد بمثابة خيار. أُجبرت هدى على الفرار من الحرب في سوريا، تاركة منزلها وراءها لتوفر الحماية والأمان لعائلتها ولتمنحهم فرصة لحياة أفضل - حياة بعيدة عن القصف والجوع والخوف. 

في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أجرينا مقابلة مع هدى لمجلّة الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وعلمنا كيف بدأت حياتها الجديدة مع عائلتها في قهرمان مرعش، تركيا. 

في تركيا، اكتشفت هدى أن المهنة التي تناسبها هي الطبخ. لطالما كان الطبخ شغفًا بالنسبة لها، ولكنه أصبح أيضًا وسيلة لتغطية نفقاتها ودعم زوجها وأطفالها الأربعة. 

هدى تبتسم للكاميرا وهي تقف في مكانها المفضّل، المطبخ

هدى تبتسم للكاميرا وهي تقف في مكانها المفضّل، المطبخ

صورة: الاتحاد الدولي / الهلال الأحمر التركي

تواصلنا مع هدى مجدداً في أبريل/نيسان 2023، وأخبرتنا كيف التحقت بدورات الطبخ في المراكز المجتمعية التابعة للهلال الأحمر التركي من أجل البدء بمشروعها في مجال الطبخ. 

"بفضل هذه الدورات، تعلمت كيفية البيع والشراء. تعرّفت على التقاليد التركية والمجتمع التركي، وشعرت بأنني انتمي الى هذا المجتمع. لقد جمعوا معًا أشخاصًا من تركيا وسوريا، وتعلّمت من كليهما. كما قاموا بتنظيم مهرجان للطبخ حيث تمكنت من بيع الطعام الذي أعددته في المنزل."

ألهمتها الدورات لابتكار وصفات جديدة تجمع بين المكونات السورية والتركية. بدأت في بيع أطباقها من المنزل، وسرعان ما اكتسبت مجموعة مخلصة من العملاء الذين أحبوا ابتكاراتها الفريدة من نوعها.

بعض الأطباق الشهية التي أعدتها هدى بعد التحاقها بدورات للطبخ في المراكز المجتمعية التابعة للهلال الأحمر التركي

بعض الأطباق الشهية التي أعدتها هدى بعد التحاقها بدورات للطبخ في المراكز المجتمعية التابعة للهلال الأحمر التركي

صورة: هدى الفاضل

كان مشروع هدى ناجحاً ويسير بشكل جيد، حتى أنها بدأت تحلم بمطعمها الخاص، وهو مكان صغير وآمن يستطيع فيه الأشخاص من سوريا وتركيا وأماكن أخرى التواصل والتحدث مع بعضهم البعض على مائدة الطعام. 

ولكن في صباح يوم 6 فبراير/شباط 2023، توقف كل شيء، بحيث ضرب زلزال بقوة 7.7 درجات جنوب شرق تركيا وشمال سوريا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص وتدمير المنازل وسبل العيش. 

لحسن الحظ، لم تتعرض هدى وعائلتها لأي اضرار جسدية، إلا أنها كانت تجربة مرعبة بالنسبة لهم.  

"إن الاهتزازات والأصوات التي استمرت لمدة دقيقة ونصف كانت مرعبة للغاية. لم تستطع إحدى أطفالي النوم أو الأكل لمدة أسبوع كامل بعد الزلزال؛ أرسلتها للبقاء مع أقاربنا لفترة من الوقت حتى تتمكن من التعافي، وعادت عندما بدأت تشعر بالتحسن،" تقول هدى.  

هدى توصل وجبة لأحد زبائنها في كهرمان مرعش، تركيا، قبل زلزال 6 فبراير

هدى توصل وجبة لأحد زبائنها في كهرمان مرعش، تركيا، قبل زلزال 6 فبراير

صورة: الاتحاد الدولي / الهلال الأحمر التركي

بالإضافة إلى الأضرار المادية التي سببها الزلزال، مع ظهور تشققات على جدران منزلها، كان الضرر الحقيقي هو لمشروع الطهي الخاص بهدى.

"كان لدي ما يقرب من 100 زبون، وكان الجميع يشترون الأطباق التي كنت أعدها. لكن معظم زبائني فروا من قهرمان مرعش بعد الزلزال. انتقل بعضهم إلى اسطنبول وبورصة ومرسين، وتوفي البعض الآخر للأسف. لم يتبق لي الآن سوى زبونين".  

الزلزال لعله زعزع هدى وعملها، لكن لم يكن له أي تأثير على مثابرتها وإرادتها في المضي قدمًا. فما هو المكون السري لقدرتها على الصمود؟  

هدى خلال المقابلة معها بعد زلزال 6 فبراير المدمّر

هدى خلال المقابلة معها بعد زلزال 6 فبراير المدمّر

صورة: الاتحاد الدولي / الهلال الأحمر التركي

"عائلتي تجعلني أثابر. أود أن تواصل ابنتي دراستها الجامعية في هذه الأوقات الصعبة، وأريد أن أساعدها في تحقيق أحلامها. من خلال السعي وراء حلمي، يمكنني دعم أطفالي والأشخاص الآخرين لتحقيق أحلامهم. إن مساعدة الآخرين وتقديم كل الدعم الذي يحتاجونه لتحقيق أهدافهم هو أمر يجعلني سعيدة". 

تريد هدى إعادة بناء مشروعها في مجال الطبخ في تركيا، وليس لديها خطة للعودة إلى سوريا. 

"لن أعود إلى سوريا. الوضع هناك مذري. الفقر لا يصدق. بعض الناس لا يستطيعون شراء الطعام. سمعت قصصًا عن أشخاص اضطروا لبيع ملابسهم ليتمكنوا من إطعام أطفالهم. ليس هناك مياه ولا كهرباء ولا إنترنت. ما من حياة لائقة لنا هناك". 

هدى تقطف الفلفل الحار الذي زرعته بنفسها بعد دورات الزراعة التي التحقت بها في المراكز المجتمعية التابعة للهلال الأحمر التركي

هدى تقطف الفلفل الحار الذي زرعته بنفسها بعد دورات الزراعة التي التحقت بها في المراكز المجتمعية التابعة للهلال الأحمر التركي

صورة: الاتحاد الدولي / الهلال الأحمر التركي

لتعزيز مسيرتها في مجال الطبخ، تعلمت هدى أيضًا البستنة بدعم من الهلال الأحمر التركي. كان دعم المتطوعين المتواصل مكونًا رئيسيًا آخر لقدرة هدى على الصمود. 

واختتمت قائلة: "ما زلت أطمح للقيام بمشروع الطبخ، وحلمي مازال على قيد الحياة. يجب على الجميع التمسك بطموحاتهم وعدم الاستسلام مبكرًا. ابقوا أقوياء أمام التحديات التي تنتظركم!" 

--

لمساعدة الأشخاص المتضررين من زلزال 6 فبراير، أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداءي طوارئ لتركيا وسوريا لدعم استجابة جمعياتنا الوطنية على الأرض. 

ومنذ عام 2019، بالشراكة مع الهلال الأحمر التركي، يدعم الاتحاد الدولي أكثر من 1.5 مليون لاجئ في تركيا، مثل هدى، من خلال برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ (ESSN)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي. اضغطوا هنا لمعرفة المزيد.