بعد تصاعد الصراع في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، فرّ عدد كبير من الأشخاص من البلاد، وذهب معظمهم إلى بلدان أخرى في أوروبا، ولا يزال هناك حوالي 7 ملايين شخص يعيشون في الخارج حاليًا.
وقد حصلت نسبة كبيرة من اللاجئين على الدعم من المجتمعات المضيفة، بما في ذلك الأفراد والأسر التي رحبت بهم في منازلهم. ولقد كان هذا التضامن الواسع النطاق بمثابة شريان حياة للعديد من الأشخاص في أوكرانيا.
قالت إحدى الأوكرانيات، متحدثة عن الأشخاص الذين تقيم معهم في المجر: "لقد فعلت [المضيفة] الكثير لأجلي، بحيث وجدت عملاً بمساعدتها. أصبحنا عائلة واحدة نوعًا ما... وبدأنا في الاعتناء ببعضنا البعض."
صورة: الصليب الأحمر السلوفاكي
ولا يقتصر هذا التضامن على الصراع في أوكرانيا. لقد رحب الكثير من الناس باللاجئين في منازلهم طوال فترة الحروب والمجاعات وغيرها من الكوارث خلال السنوات القليلة الماضية. لكن حركة نزوح الأشخاص من أوكرانيا التي بدأت بعد تصاعد الأعمال العدائية في عام 2022 تمثل لحظة مهمة في التاريخ الحديث.
وبدلاً من إغلاق أبوابها في وجه اللاجئين، استقبلتهم المجتمعات في أوروبا إلى حد كبير. وأدى هذا التضامن معهم، إن كان من قبل الأفراد أو السلطات الحكومية، الى خيارات إقامة إضافية، الى جانب مرافق الاستقبال المشتركة مثل المراكز الجماعية أو المخيمات.
وركزت المجتمعات في جميع أنحاء أوروبا على إيواء الأشخاص في أماكن إقامة خاصة داخل المجتمعات المضيفة.
وعملت المنظمات الإنسانية، والوكالات الحكومية، والمؤسسات التي تدعم المتضررين معًا بطرق غير مسبوقة من أجل البناء على هذا التضامن، اذ قاموا بتنسيق أنواع متعددة من الدعم، سواء للاجئين أو للأشخاص والمجتمعات التي تستضيفهم.
أحد أبرز الأمثلة هو برنامج المنازل الآمنة. بتمويل من صندوق اللجوء والهجرة والإدماج التابع للمفوضية الأوروبية، تم تنفيذ البرنامج من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بالتعاون مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر في تسع دول أوروبية: بلجيكا، فرنسا، أيرلندا، المجر، هولندا، لوكسمبورغ، بولندا، رومانيا، وسلوفاكيا.
هدف البرنامج إلى توفير منازل آمنة للأشخاص الذين فروا من أوكرانيا، ودعم اندماجهم في الأنظمة الوطنية.
صورة: الصليب الأحمر الإيرلندي
نموذج جديد
وفي حين أن هذا النهج ليس جديداً، إلا أنه لم يتم تنفيذه من قبل على هذا النطاق. ولذلك ساعد برنامج المنازل الآمنة في المهام الضخمة المتمثلة في الربط بين المضيفين والضيوف، وحمايتهم ورعايتهم. كما ساعدت المنظمات المشاركة على التفكير في الممارسات الجيدة والدروس المستفادة حتى تتمكن المجتمعات والحكومات والمجتمعات المضيفة من الاستعداد بشكل أفضل لمواقف مماثلة في المستقبل.
أصدر البرنامج مؤخرًا تقريرًا شاملاً بعنوان "المنازل الآمنة: دروس أساسية مكتسبة من استضافة النازحين من أوكرانيا في منازل خاصة"، والذي يشكل نموذج للتعاون حول عمليات الاستضافة الخاصة.
ويقول دينيس سوليس، مدير برنامج المنازل الآمنة في المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في أوروبا: "الهدف هو فهم الصورة الكاملة لحالة الاستضافة في هذه البلدان، الأمر الذي لا يسمح باتخاذ قرارات أفضل على المدى القصير فحسب، بل يرشد أيضًا المبادرات المستقبلية المحتملة".
كل شيء يبدأ بالمنزل الآمن
في كل بلد، نفذت جمعيات الصليب الأحمر برنامج المنازل الآمنة بطرق مختلفة، وستجدون معلومات مفصّلة عن الجهود المختلفة، والتجارب الناجحة، والتحديات المختلفة في "المنازل الآمنة: دراسات الحالة".
وفي التقرير، قال أحد الأخصائيين الاجتماعيين من الصليب الأحمر في لوكسمبورغ: "كان نقص المساكن أحد أكبر التحديات، وهذا أمر محبط بشكل خاص للأخصائيين الاجتماعيين لأنه ليس لديهم أي تأثير على هذه المسألة".
"يشعر العديد من الضيوف بالإحباط الشديد لأنهم لا يريدون العودة إلى مراكز الاستقبال، ولكن ليس لديهم إمكانية الوصول إلى المساكن أيضًا".
باختصار، توفر المجتمعات المضيفة دعماً أساسياً، لكنها لا تستبدل التمويل العام ودعم الإسكان. ولا يمكن أن نتوقع من الأسر المضيفة أن تحل محل دور الأخصائيين الاجتماعيين والسلطات العامة. في النهاية، تتمثل الحلول بتوفير مجموعة مختلفة من أشكال الدعم من مجموعة متنوعة من الشركاء. إلا أن الحل الأساسي يبدأ بمنزل آمن.
"كل شيء يبدأ بتوفير السكن. لقد سمعنا ذلك طوال الوقت من اللاجئين. وما لم يعرفوا أين سيمكثون، فلن يتمكنوا من التركيز على أي شيء آخر، مثل تسجيل الأطفال في المدرسة، والعثور على وظيفة، وما إلى ذلك،" قال أحد الأخصائيين الاجتماعيين في الصليب الأحمر السلوفاكي.