عندما كانت غونيل عباسوفا طالبة شابة، حلمت بالقيام بشيء لمساعدة الآخرين. ولكن لبعض الوقت، منعها الصراع في بلدها من تحقيق هذا الحلم.
تقول: "بسبب النزوح من أغدام، كان للصراع أثر كبير على حياتي: أحلامي غير المكتملة، وطفولتي الضائعة، وعدم قدرتي على متابعة التعليم العالي. لقد كبرت غونيل الصغيرة بالفعل، لكن أحلامها لم تتحقق بعد. لطالما اعتقدت أنه عندما أكبر، سأصبح محامية وأساعد المحتاجين للدعم".
ولكن بعد ذلك اكتشفت غونيل طريقة جديدة لمساعدة الآخرين، كمتطوعة في فرع منطقة أغدام لجمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني. وتوضح غونيل أن الجمعية الوطنية أعطتها الأمل وساعدتها على تحقيق إمكاناتها خلال هذه التجارب الصعبة.
وتتذكر قائلة: "مرّ الوقت، سنة بعد سنة، وفقدت الأمل. ولكن عندما كادت تُستنفد آمالي، التقيت بشخص أخبرني عن فرع أغدام لجمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني وقال إن هناك حاجة إلى متطوعين. وذكر أنني أستطيع أن أكون جزءًا من هذا المجتمع كمتطوعة من دون تعويض مالي."
"عادةً، يتوقع كل منا بعض الدعم المالي مقابل العمل الذي نقوم به، حتى لو كان صغيرًا. ولكن، لم أفكر في الأمر للحظة. لقد كنت قد اتخذت قراري بالفعل. اعتقدت أنني سأجد سبيلي هناك، وبالفعل، لم أكن مخطئة. ظهرت جمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني مثل الشمس التي تشرق عليّ بعد المطر".
الآن غونيل هي واحدة من العديد من المتطوعين الذين يساعدون في تقديم الدعم للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي للناس كجزء من مشروع مدعوم ماليًا من الاتحاد الأوروبي وينفذه الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
يُسمى المشروع "سد الفجوة بين احتياجات المجتمع والقدرات المحلية وإمكانيات الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في أذربيجان" ويهدف إلى تعزيز قدرة جمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني (AzRCS) في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي (MHPSS).

غونيل عباسوفا، متطوعة في الهلال الأحمر الأذربيجاني، تتحدث إلى متطوعين آخرين خلال جلسة تدريب حول الصحة النفسية.
صورة: الهلال الأحمر الأذربيجاني
سرعان ما أصبحت الجمعية الوطنية مكانًا حيث تستطيع تطوير معرفتها ومهاراتها. ومع ذلك، شعرت غونيل أن شيئًا ما كان ناقصًا.
"بعد سنوات، تخلّيت عن فكرة الدراسة، لكنني بدأت في تطوير نفسي في الجمعية الوطنية. زرت العديد من المناطق والمدن، وتلقيت التدريب من مدربين محترفين ومتعلّمين، وزدت من معرفتي ومهاراتي."
"بدأت أشعر بسعادة أكبر. شاركت في توزيع المساعدات الإنسانية، وقدمت الإسعافات الأولية، وقابلت العديد من الأشخاص، وكونت صداقات. لكن كان لا يزال هناك شيء ناقص. في بعض الأحيان كنت ضعيفة جدًا. في بعض الأحيان كنت أهرب من المواقف لأن الخوف من الخسارة لم يسمح لي بالمضي قدمًا."
"مع تطوري، بدأت أبحث بداخلي واتعرف على نفسي. من أنا؟ أين أنا؟ أين يجب أن أكون؟ سألت نفسي هذه الأسئلة طوال الوقت. ذات يوم أعلنوا عن تدريب جديد. عندما سمعت اسم التدريب، اضاءت شرارة في داخلي. في تلك المرحلة من حياتي، كنت بحاجة إلى ذلك بالضبط: تدريب حول الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي."
"الآن أصبحت أعرف نفسي"
لقد ساعدها مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في ملء الفراغ الناقص في حياتها، وجعلها تفهم نفسها بشكل أفضل، وتصبح سعيدة أكثر، وتحسّن علاقاتها مع الناس.
"أثناء حضور التدريب والمشاركة في الأنشطة في هذا المجال، فهمت نفسي وتطلعاتي بشكل أفضل. على مر السنين، وصلت إلى مرحلة حيث يمكنني إعلام الآخرين بهذا الموضوع. كمتطوعة في جمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني، بدأت العمل مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا في المدارس، وأجريت جلسات الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
الآن أصبحت اعرف نفسي، وأعلم أنه من المستحيل على المرء أن يكون بصحة جيدة من دون الصحة النفسية. أستطيع التعامل مع التوتر والعناية بنفسي. أقوم بإجراء جلسات توعية لأفراد المجتمع حول هذا الموضوع. إذا كان الناس على دراية بالصحة النفسية، فيمكن أن يحميهم ذلك من المشاكل النفسية والصدمات. سيدركون أن هناك أملًا ونورًا في حياتهم."
"أنا أقوى الآن. أريد أن يتحد الناس وأن يدعموا بعضهم البعض في المواقف الصعبة، تمامًا كما نفعل في الجمعية الوطنية. أنا ممتنة جدًا لجمعية الهلال الأحمر الأذربيجاني وفريق الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي الذي ساعدني."