في كل عام، ينطلق مئات الأشخاص من مختلف الجنسيات، بما فيها اللبنانية والسورية، من شواطئ لبنان في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر في بحث يائس عن حياة أفضل.
غالبًا ما تنتهي هذه الرحلات بمأساة: في سبتمبر/أيلول 2022، غرق قارب يحمل أكثر من 140 مهاجرًا يغادر لبنان، قبالة ساحل طرطوس في سوريا؛ غرق العديد من الأشخاص، في حين فُقد آخرون.
في حالات أخرى، قامت السلطات في بلدان المقصد بإعادة القوارب الى الساحل اللبناني.
منذ عام 2019، يواجه لبنان أزمة إنسانية معقّدة ومتغيّرة، حيث يدفع التضخم المفرط، والبطالة، وتدهور الظروف المعيشية، الناس إلى مغادرة البلاد.
"في كثير من الأحيان، يُخبرنا الأشخاص الذين يتخذون قرار المغادرة أنه ليس لديهم شيء ليخسروه؛ لذا فهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على فرصة لحياة أفضل في بلد آخر،" يقول علاء عمّار، منسّق في قسم الهجرة والحماية بالصليب الأحمر اللبناني.
يعود المهاجرون الذين نجوا من حوادث الغرق إلى الشاطئ وهم يعانون من الإرهاق، ويحتاجون إلى المساعدة الطبية. غالبًا ما يكون لديهم وجهة يمكنهم الذهاب إليها، مثل منزل أحد الأقارب، ولكن لا يكون لديهم أي أموال للتنقل أو تدبير أمورهم.
صورة: الصليب الأحمر اللبناني
تقديم الخدمات حيثما تشتد الحاجة إليها
إدراكًا لاحتياجات المهاجرين الذين يعانون من عواقب إعادة القوارب أو غرقها، أنشأ الصليب الأحمر اللبناني نقاط خدمات إنسانية متنقّلة تغطي مواقع مختلفة على طول الساحل اللبناني.
تُعتبر هذه النقاط الإنسانية أماكن آمنة، ومُرحّبة، وذات موقع استراتيجي، حيث يمكن للمهاجرين والنازحين الحصول على دعم موثوق من جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
ويقول علاء، الذي يشرف أيضًا على برنامج يسمّى "إعادة الروابط العائلية" الذي يساعد المهاجرين على إعادة التواصل مع أفراد عائلاتهم: "إن نقاط الخدمات الإنسانية المتنقّلة التابعة للصليب الأحمر اللبناني تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات بناءً على الحاجة وإلحاحية الوضع".
وتشمل الخدمات الأخرى: المساعدة الطبية الطارئة، والمأوى، والمياه، وخدمات النظافة الصحية والصرف الصحي، وتقديم مواد الإغاثة والغذاء، والدعم النفسي والاجتماعي، والنقل.
منذ إنشائها، استجابت نقاط الخدمات الانسانية لأكثر من ثمانية حالات طارئة في لبنان، بما في ذلك في بيروت وطرابلس وعلى الحدود السورية.
وقعت آخر حادثة غرق في ديسمبر/كانون الأول 2023، قبالة ساحل مدينة طرابلس الشمالية، حيث أنقذت السلطات اللبنانية 51 شخصًا، تلقّوا جميعًا مساعدة طبية طارئة من إحدى نقاط الخدمات الانسانية التابعة للصليب الأحمر اللبناني.
صورة: الصليب الأحمر اللبناني
العامل الحاسم: الثقة
ولكن لتقديم مساعداتهم المنقذة للحياة، غالبًا ما تعتمد نقاط الخدمات الانسانية التابعة للصليب الأحمر اللبناني على ثقة الناس، وهو عنصر أساسي يسمح لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر بالعمل في السياقات المحلّية حول العالم.
ويضيف علاء، قائلاً: "إن الثقة التي بناها الصليب الأحمر اللبناني مع الناس في لبنان على مرّ السنين واضحة جدًا، ويظهرها الناجون الذين كثيرًا ما يقولون إنهم يشعرون بالارتياح عندما يرون شارتنا".
يحظى برنامج دعم المهاجرين التابع للصليب الأحمر اللبناني، والذي يشمل أيضًا نقاط الخدمات الإنسانية، بدعم من شبكة نقاط الإتصال حول الهجرة إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA Migration Network)، وهي شبكة إقليمية تتألف من 15 جمعية وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، بقيادة المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر من مناطق أخرى.
وتقول ياسمين حكيم، مسؤولة بقسم الهجرة والنزوح في المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تم إنشاء شبكة نقاط الإتصال حول الهجرة إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتعزيز وتبادل الخبرات للعمل مع المهاجرين ومن أجلهم، بما في ذلك اللاجئين، وأسرهم، والمجتمعات المضيفة".
"تخطط الشبكة هذا العام لتزويد الجمعيات الوطنية بالمهارات والتدريبات لموظفيها ومتطوعيها حول برامج الهجرة ونقاط الخدمات الإنسانية، وذلك لتعزيز استعدادهم لمساعدة المهاجرين والنازحين."
--
انقروا هنا لمعرفة المزيد عن الهجرة والنزوح. للحصول على نظرة عامة على برامج الهجرة التابعة للاتحاد الدولي، انقروا هنا.