"لا يوجد شيء اسمه كارثة بسيطة": الشراكة لمواجهة الأزمات الغذائية المُعقّدة من خلال التصدّي للجوع

Water pours from an irrigation pipe next to a field of crops during an IFRC-FAO field visit to a farm in Yatta, Kenya.

المياه تتدفق من أنبوب الري بجوار حقل من المحاصيل خلال زيارة الاتحاد الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة إلى مزرعة في يطا، كينيا.

صورة: الاتحاد الدولي

الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) يرتقيان بالشراكة إلى مستويات جديدة للعمل من أجل ضمان الأمن الغذائي، حيث أن التحديات الإنسانية المُعقدة تجعل التعاون المجتمعي المحلّي أكثر أهمية من أي وقت مضى.

على طول نهر النيجر في مالي، يساعد متطوعو الصليب الأحمر المجتمعات المحلية في العثور على مصادر جديدة للمياه خلال فترات الجفاف، حيث يجف النهر وتكاد المياه المخصصة للمحاصيل والماشية تختفي.  

وقال نوهوم مايغا، الأمين العام للصليب الأحمر المالي: "لا توجد مياه في النهر إلا لمدة ثلاثة أشهر فقط. ومعظم الناس هناك يعتمدون على تلك المياه كي تشرب مواشيهم".  

وكجزء من برنامجٍ تجريبي، يقوم المتطوعون بمساعدة المجتمعات المحلّية على حفر الآبار، وتركيب مضخات تعمل بالطاقة الشمسية توفر مصدرًا مستمرًا للمياه.  

وبالإضافة إلى ذلك، يتعاون الصليب الأحمر مع خدمات الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا للتغلب على المشاكل المستقبلية، مثل الحرّ الشديد، وفترات الجفاف غير المتوقعة، أو الفيضانات المفاجئة، من خلال أنظمة الإنذار المبكر المجتمعية.  

ونتيجة لذلك، تمكن المزارعون المحلّيون من مضاعفة محاصيلهم أربع مرات. وأضاف مايغا: "بدلاً من الاكتفاء بالحصاد لموسم واحد، تمكنوا من الحصاد أربع مرات". 

فرق الصليب الأحمر الأوغندي تصل إلى القرى الجبلية النائية بعد سلسلة من الفيضانات والانهيارات الطينية.

فرق الصليب الأحمر الأوغندي تصل إلى القرى الجبلية النائية بعد سلسلة من الفيضانات والانهيارات الطينية.

صورة: الصليب الأحمر الأوغندي

شراكة متكاملة 

هذا هو بالضبط نوع الاستجابة التطلّعية والمتعددة الطبقات للتحديات المُعقدة التي سيتم تعزيزها من خلال الشراكة المتجددة التي تم التوقيع عليها في 29 مايو/ايار 2024 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.  

تهدف الشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إلى البناء على تفويضات ونقاط القوة للمنظمتين على المستوى المحلي والدولي من أجل تحسين جودة برامج الأمن الغذائي، وسبل العيش الزراعية، ومدى وصولها وتأثيرها واستدامتها. وحتى الآن، بدأ عمل الشراكة المتجددة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ومالي ونيجيريا والنيجر وجنوب السودان وأوغندا.

وُلدت هذه الشراكة من الفهم المتزايد لحقيقة أن الحلول الدائمة للأزمات الإنسانية المعقدة وطويلة الأمد في يومنا هذا تتطلب تعاونًا أوثق بين الشركاء متعددين من المستوى المجتمعي وصولاً للمستوى العالمي.

وقالت كارولين هولت، مديرة قسم الكوارث والمناخ والأزمات في الاتحاد الدولي، في حديثها مؤخرًا في الحوار العالمي بين منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي بشأن محلّية العمل الإنساني، الذي عقد في 27 مارس/آذار 2024 في جنيف، سويسرا: "لم يعد هناك شيء اسمه كارثة بسيطة. ترتبط بعض القضايا، مثل انعدام الأمن الغذائي، ارتباطًا وثيقًا بعدم إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب أو مصادر الطاقة الموثوقة. كل هذه القضايا تؤثر على بعضها البعض، وبالتالي يجب أن تكون الحلول متكاملة بشكل متساوٍ."

يجب على حلول مشكلة انعدام الأمن الغذائي أن تعالج أيضًا العوامل المُعقدة التي تؤثر على الإنتاج الغذائي المحلي، وستتطلب استراتيجيات جديدة ومبتكرة لتوفير الموارد. وبالتالي، فإن الشراكة بين الاتحاد الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة ستكون أيضًا بمثابة قاعدة لاستثمار على نطاق أوسع من قبل شركاء آخرين مهتمين بدعم الابتكار المحلي في مجال الأمن الغذائي وسبل العيش.  

غمرت المياه المنازل في بلدة بور، بولاية جونقلي، بجنوب السودان بعد الفيضانات، وهو أحد التحديات الإنسانية العديدة التي واجهها الصليب الأحمر في جنوب السودان في السنوات الأخيرة.

غمرت المياه المنازل في بلدة بور، بولاية جونقلي، بجنوب السودان بعد الفيضانات، وهو أحد التحديات الإنسانية العديدة التي واجهها الصليب الأحمر في جنوب السودان في السنوات الأخيرة.

صورة: الاتحاد الدولي

"يعتمد ثلثا الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد على الزراعة كمصدر رئيسي لكسب لقمة عيشهم، ومع ذلك فإن أربعة في المائة فقط من المساعدات الإنسانية تذهب إلى المساعدات الزراعية الطارئة"، كما قال دومينيك بورجيون، مدير مكتب الاتصال لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في جنيف، خلال الحوار العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بشأن محلّية العمل الإنساني.  

"إن المساعدات الغذائية وحدها لا تكفي لمعالجة انعدام الأمن الغذائي الحاد من دون دعم وحماية سبل العيش، التي يعتمد الكثير منها على الزراعة المحلّية".

مالي هي مثالاً جيدًا، حيث تتعاون منظمة الأغذية والزراعة والصليب الأحمر المالي في مجال التحويلات النقدية، وإمدادات الإنتاج الزراعي والغذائي، ودورات طهي تهدف إلى تحقيق توازن غذائي جيد، من بين أمور أخرى.

وأضاف مايغا، الذي شارك أيضاً في الحوار العالمي بشأن محلّية العمل الإنساني: "نحن نعمل مع تلك المجتمعات لتمكينها من إعالة نفسها حتى وسط الصراع المتواصل".

حالة مالي تسلط الضوء أيضًا على الدور الحاسم الذي تلعبه الجمعيات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في معالجة الأزمات المعقدة وطويلة الأمد. في مالي، يعمل الصليب الأحمر وسط مجموعة من التحديات: أنماط الطقس المتطرف والذي لا يمكن التنبؤ به، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ، وعدم الاستقرار، وانعدام الأمن، وفقدان سبل العيش التقليدية ومصادر الغذاء، ونزوح مجتمعات بأكملها. وفي الوقت نفسه، غادرت معظم المنظمات الدولية أجزاء كثيرة من البلاد بسبب انعدام الأمن.

وأشار مايغا إلى أن "الصليب الأحمر بقي في المجتمعات المتضررة من هذه الأزمات. لماذا؟ لأن الصليب الأحمر منظمة مجتمعية. متطوعونا البالغ عددهم 8,000 متطوع هم جزء من المجتمعات التي يعملون فيها." 

قامت فرق من منظمة الأغذية والزراعة، والصليب الأحمر الأوغندي، بمعاينة العمل المنجز لتنظيف القنوات من العوائق التي تسبب الفيضانات في الأمطار الغزيرة.

قامت فرق من منظمة الأغذية والزراعة، والصليب الأحمر الأوغندي، بمعاينة العمل المنجز لتنظيف القنوات من العوائق التي تسبب الفيضانات في الأمطار الغزيرة.

صورة: جمعية الصليب الأحمر الأوغندي

الحاجة الماسة للعمل المبكر 

وتوجد تحديات مماثلة في العديد من البلدان، فتواجه أوغندا، التي تستضيف أحد أكبر أعداد اللاجئين في العالم، العديد من التحديات المناخية الخطيرة، حيث أصبحت أنماط الطقس غير قابلة للتنبؤ بها. وفي بعض المناطق، جرفت الفيضانات مجتمعات بأكملها.

وفي هذه الحالة، ساعد التعاون بين منظمة الأغذية والزراعة والصليب الأحمر الأوغندي المجتمعات المحلية على الصمود في وجه الأمطار الغزيرة الناجمة جزئيًا عن ظواهر النينيو الأخيرة في الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول 2023.

بتمويل من منظمة الأغذية والزراعة، اتخذ الصليب الأحمر الأوغندي إجراءات في عشر مقاطعات في أوغندا تحسبًا لهطول الأمطار القادمة: قام بنشر الإنذارات المبكرة، ورسم خرائط للمناطق المعرضة للفيضانات، وقام بالإشراف على أنشطة التي يقوم من خلالها السكان المحليون بتنظيف قنوات المياه أو إزالة الطين من الخزانات التي تساعد على احتواء المياه الزائدة.  

وفي حالات أخرى، تضمنت المشاريع مساعدة المجتمعات المحلية على إدارة المحاصيل بأمان لتقليل الخسارة بعد الحصاد. يمكن أن تُتلف المحاصيل إذا تضررت منشآت التخزين بسبب الفيضانات أو إذا تعطلت الأنظمة اللازمة لتخزينها ونقلها وتوزيعها.  

وقال روبرت كويسيغا، الأمين العام للصليب الأحمر الأوغندي: "من الواضح أن تزايد تواتر وحجم وشدّة الكوارث لا يؤثر فقط على حياة البشر وسبل عيشهم وممتلكاتهم، بل يتطور أيضًا إلى أوبئة تتطلب استثمارًا قويًا في التأهب والاستجابة على مستوى المجتمع المحلّي". 

أخبار ذات صلة