في مخيمات كوكس بازار في بنغلاديش، حيث تشكل الأعاصير تهديدًا مستمرًا، تبرز مجموعة رائعة من الأفراد، هم بمثابة أبطال مجهولين في مجال التأهب للكوارث والاستجابة لها.
يبلغ عدد متطوعي الصليب الأحمر والهلال الأحمر حوالي 3300، وهم حجر الأساس للتأهب المجتمعي والاستجابة للطوارئ داخل المخيم.
ديل محمد، البالغ من العمر 46 عامًا، هو واحد منهم. يقول: "يعرف الناس أننا سنكون في خدمتهم إذا احتاجوا إلينا أثناء أي كارثة".
بفضل تدريب وإعداد جمعية الهلال الأحمر البنغلاديشي، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، يلعب ديل محمد وزملاؤه المتطوعون دورًا محوريًا في نشر معلومات الإنذار المبكر بالأعاصير وتسهيل العمل الاستباقي للحد من الخسائر والأضرار غير المسبوقة التي يمكن أن تسببها الأعاصير.
صورة: الهلال الأحمر البنغلاديشي والاتحاد الدولي
تعتبر مواسم الأعاصير في بنغلاديش، التي تمتد من أبريل/نيسان إلى مايو/أيار ومن أكتوبر/تشرين الأول إلى نوفمبر/تشرين الثاني، فترات من الـتأهب المتزايد. منذ عام 2018، تلقى المتطوعون تدريبات على الاستعداد للكوارث، ونظام الإنذار المبكر الخاص بالمخيم، بالإضافة إلى معدات السلامة ومعدات الإنذار المبكر.
على سبيل المثال، مع اقتراب إعصار موكا في مايو/ايار 2023، انطلق هؤلاء المتطوعون إلى العمل. يتذكر ديل محمد استجابتهم السريعة: "عندما تم الإعلان عن تحذير من المستوى الأول، بدأنا التواصل شفهيًا مع الأشخاص الذين يعيشون في المخيم. بعد تلقي تحذير من المستوى الرابع، رفعنا علم ينبّه بالإعصار ونشرنا معلومات عبر مكبرات الصوت في جميع أنحاء المخيم".
وتقول ديل كاياس، وهي متطوعة من المخيم 8W: "لقد انتقلنا من منزل الى آخر لنشر المعلومات، مما أحدث تأثيرًا هائلاً في مجتمعنا".
تقول متطوعة أخرى في المخيم رقم 7، مينارا، "لقد مكنتني الدروس المستفادة من دعم أفراد مجتمعي أثناء احتياجهم لذلك".
إلى جانب المتطوعين الآخرين، تساعد مينارا في تسهيل جلسات التوعية، مما يضمن حصول حتى أولئك الذين لم يتمكنوا من حضور الفعاليات واسعة النطاق على معلومات أساسية حول التأهب للأعاصير.
صورة: الهلال الأحمر البنغلاديشي والاتحاد الدولي
ومع تصاعد خطر الإعصار، ضاعف المتطوعون جهودهم. ويوضح ديل محمد: "عندما سمعنا أن تحذير من المستوى الثامن قد أُعلن، رفعنا ثلاثة أعلام وبدأنا في استخدام صفارات الإنذار، ومكبرات الصوت، وميكروفونات المساجد وكل أداة تواصل متاحة لضمان معرفة كل سكان المخيم بالخطر الوشيك".
هذا، ووضع المتطوعون خطة لضمان سلامة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر أثناء الكوارث، منهم النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. واحتفظوا بقائمة بالأسر التي تشمل "أفرادًا أكثر عرضة للخطر"، وبمجرد رفع أول علم، قاموا بزيارة كل أسرة من هذه الأسر بهدف تقديم الدعم.
في إحدى اللحظات، اقتربت امرأة حامل من المتطوعين، معربةً عن قلقها بشأن قدرة مأواها الهش على تحمل قوة الإعصار. وقام المتطوعون، بالتنسيق مع إدارة الموقع، بترتيب نقلها إلى مأوى قريب، مع إعطاء الأولوية لسلامتها ورفاهتها.
وبعد مرور الإعصار، انتقلوا بسرعة إلى تنفيذ اجراءات ما بعد الإعصار، فأجروا تقييمات لقياس مدى الضرر في مخيماتهم وتحديد المحتاجين إلى المساعدة الطارئة. كما شاركوا في المهمّة الصعبة المتمثلة في تنظيف الطرقات والمسارات، وضمان قدرة الوصول والتواصل داخل المخيمات.
وتقول ماهابو علم، متطوعة شابة من مخيم 1W: "بعد وصول إعصار موكا إلى اليابسة، بدأنا في تنظيف الطرقات في كتل المخيم. لقد اقتُلعت الأشجار، وتناثر الحطام، مما أعاق قدرة التنقل والوصول".
صورة: الهلال الأحمر البنغلاديشي والاتحاد الدولي
قصص مماثلة في مخيمات أخرى
كوكس بازار ليست المكان الوحيد حيث يصنع المتطوعون فرقًا في مجتمعاتهم. في مخيم باسان تشار، يقود متطوع الهلال الأحمر البنغلاديشي، جافور علم، دراجة مليئة بالأدوات التي تستخدم لتنظيف الحطام من قنوات المياه. إذا تم انسداد هذه القنوات أثناء هطول الأمطار الغزيرة، فقد يؤدي ذلك الى فيضانات مفاجئة.
صورة: الهلال الأحمر البنغلاديشي والاتحاد الدولي
من ناحية أخرى، يلعب المتطوعون مثل نور حسين دورًا مهمًا في ضمان صيانة البنية التحتية للمآوي. بصفته مشرف أعمال متمرس، عمل حسين في أماكن مختلفة في شيتاغونغ، إحدى أكبر مدن البلاد.
بالإضافة إلى صيانة المآوي، لضمان قوتها وسلامتها، ينظم جلسات توعية، ويحل المشاكل لتي تنشأ على مستوى المجتمع تحت إشراف فريق الهلال الأحمر البنغلاديشي.
هذا، ويتمتع العديد من المتطوعين بخبرة كبيرة في مجالاتهم. انضم عبد الحميد، الذي يعيش مع زوجته وأطفاله في باسان تشار، إلى الهلال الأحمر البنغلاديشي كمتطوع في مجال الإمداد بالمياه، الإصحاح والنهوض بالنظافة (WASH) في عام 2021.
صورة: الهلال الأحمر البنغلاديشي
بفضل خبرته الفنية ومهاراته، أصبح متطوعًا لدعم إدارة الموقع ومسؤولاً عن الحفاظ على خدمات الغاز الحيوي في باسان تشار.
يلعب عبد الحميد دورًا مهمًا في ضمان صيانة البنية التحتية للغاز الحيوي ووظائفها، مما يساهم بشكل كبير في جهود الاستدامة في مجتمعه.
من خلال أفعالهم، لا يحمي كل هؤلاء المتطوعين زملائهم المقيمين فحسب، بل يمكّنون مجتمعاتهم أيضًا من مواجهة الأعاصير والمخاطر المرتبطة بها بالمرونة والاستعداد.
كتابة: فرحان عارفين كريم
تصوير: حميرة تسنيم
تحرير: الشهريار روبام وراشيل بونيثا