"على أهبة الاستعداد": العاملون بالمستشفيات في جنوب لبنان يواجهون تصاعد الأعمال العدائية

Hossam Sabha, a first responder who has been with the Palestine Red Crescent Society in Lebanon for almost 40 years, stands next to the ambulance he often drives.

حسام صبحة، أحد المستجيبين الأوائل والذي يعمل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان منذ ما يقرب من 40 عامًا، يقف بجوار سيارة الإسعاف التي يقودها في أغلب الأحيان.

صورة: جو بعقليني / الاتحاد الدولي

في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني في جنوب لبنان، كان الموظفون والمتطوعون يستعدون للحظة لم يأملوا أن تأتي أبدًا. والآن بعد أن أتت هذه اللحظة، فإن الاستعداد يؤتي ثماره، إلا أن العمل الذي ينتظرهم شاق. بقلم جو بعقليني، مسؤول التواصل في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

امتدّت الأزمة المتواصلة في الشرق الأوسط، والتي أشعلها النزاع في إسرائيل وغزة، الى جميع أنحاء المنطقة، مما أثّر على البلدان والمجتمعات المجاورة لمنطقة النزاع الأولية.  

في مدينة صيدا في محافظة جنوب لبنان، كان الموظفون والمتطوعون في مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يستعدون لأسوأ السيناريوهات، حيث أن هناك غارات جوية منتظمة في محيطهم بينما تصبح المنطقة الجنوبية من لبنان متأثرة بشكل متزايد بتصاعد الأعمال العدائية.  

مستشفى الهمشري هو واحد من مستشفيين تابعين للهلال الأحمر الفلسطيني في جنوب لبنان، يخدم اللاجئين الفلسطينيين والأشخاص من جميع الجنسيات. كما أنه أكبر مستشفيات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الخمسة في لبنان، مما يعني أنه مرفق رعاية صحية بالغ الأهمية، وخاصة في أوقات النزاع، عندما تكون الحاجة لخدماته ملحّة جدًا.

لقد أجبرت هذه البيئة المتقلبة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان على الاستعداد للاحتياجات المتزايدة، وتعبئة الموارد والبقاء على أهبة الاستعداد للاستجابة للأزمة المتكشفة.  

يقول الدكتور زياد العينان، مدير خدمات الطوارئ والإسعاف في فرع الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان: "لدينا أكثر من 300 متطوع وموظف يتلقون التدريبات كجزء من خطتنا للطوارئ".  

تم تنفيذ جزء كبير من هذه التدريبات بالشراكة مع الصليب الأحمر اللبناني، الذي يتمتع أيضًا بخبرة كبيرة في الاستجابة لأحداث كهذه. ويضيف العينان: "لقد تلقى موظفو المستشفى التدريبات الازمة من قبل الصليب الأحمر اللبناني للاستجابة بشكل فعال في أوقات النزاع".  

لتعزيز قدرته على الاستجابة بفعالية لأعمال العنف المتصاعدة، بادر مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ببرنامج تدريبي شمل مجموعة من المهارات الأساسية، بما في ذلك في مجالات دعم الحياة الأساسي، والدعم المتقدم للحياة القلبية، وتخطيط صدى القلب في حالات الطوارئ، وفرز الإصابات الجماعية، وتقنيات الإسعافات الأولية المتقدمة. وقد زودت هذه التدريبات موظفي المستشفى بالمعرفة والمهارات اللازمة للتخفيف من تأثير الإصابات المرتبطة بأعمال العنف وضمان التدخّل الطبّي المناسب في الوقت المناسب.  

ومن بين الأشخاص الذين استفادوا من هذه التدريبات وهم مستعدون لخدمة مجتمعهم، وخاصة خلال أعمال العنف هذه، هو حسام صبحة البالغ من العمر 58 عامًا، الذي يعمل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان كمستجيب أول منذ ما يقرب من 40 عامًا.  

ويقول حسام: "بصفتنا وحدة خدمات الطوارئ الطبية في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، اتخذنا جميع الاحتياطات والخطوات اللازمة للاستجابة لأي حالة طوارئ".

"لقد أكملنا تدريباتنا، ونحن مستعدون للاستجابة في أي وقت. لدينا خطة طوارئ جاهزة للجنوب وبيروت، وكل فرقنا على أهبة الاستعداد. نحن لسنا خائفين". 

سجى صبحة، البالغة من العمر 22 عامًا، متطوعة في مستشفى الهمشري وتدرس لتصبح ممرضة.

سجى صبحة، البالغة من العمر 22 عامًا، متطوعة في مستشفى الهمشري وتدرس لتصبح ممرضة.

صورة: جو بعقليني / الاتحاد الدولي

حسام ليس الشخص الوحيد الذي يدفعه حسّه الإنساني، فابنته سجى ورثت شجاعة والدها وإنسانيته. وتقول إن الأعمال العدائية لن تمنعها من محاولة إنقاذ الأرواح.  

تقول سجى البالغة من العمر 22 عامًا، والتي تعمل متطوعة في مستشفى الهمشري وتدرس لتصبح ممرضة: "أنا لست خائفة على الإطلاق. آتي إلى المستشفى كل يوم لأنني أريد مساعدة الآخرين، بما في ذلك زملائي". وتعتقد أن التطوع لا يشبه أي شيء اختبرته.

"عندما تتطوعون، فإنكم تتعرضون للكثير من الأشخاص والحالات، وترون ما يحدث على أرض الواقع. لا شيء يضاهي نظرة الامتنان والارتياح على وجه الشخص بعد أن تقدموا له المساعدة التي يحتاجها".  

ومع ذلك، لا عيب في الشعور بالخوف، ويتم تدريب المتطوعين والموظفين في المستشفى على دعم بعضهم البعض في التعامل مع ردود الفعل العاطفية للأحداث من حولهم. تعمل سجى عن كثب مع نغم شناعة البالغة من العمر 20 عامًا، وهي أصغر طبيبة متدربة في مستشفى الهمشري، والتي تسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة. 

نغم شناعة، البالغة من العمر 20 عاماً، وهي أصغر طبيبة متدربة في مستشفى الهمشري، تسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة.

نغم شناعة، البالغة من العمر 20 عاماً، وهي أصغر طبيبة متدربة في مستشفى الهمشري، تسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة.

صورة: جو بعقليني / الاتحاد الدولي

وعلى الرغم من طبيعة عملها المرهقة والوضع المضطرب في البلاد، إلا أن البسمة لا تفارق وجه نغم.

وتقول نغم: "أنا شخص يشعر بالقلق دائمًا. شعرت بخوف شديد عندما سمعت انفجارًا قبل بضعة أيام، والذي تبين أنه غارات جوية وهمية، لكن الجميع في المستشفى جاءوا إلي وحاولوا مواساتي. أحصل على الكثير من الدعم النفسي من زملائي هنا. نحن ندعم بعضنا البعض، وننقل هذا الدعم إلى مرضانا أيضًا". 

يرتدي أحمد مروان العيسى، البالغ من العمر 19 عامًا، بفخر الزي الرسمي لخدمات الطوارئ الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ويقف الى جانب سيارات الإسعاف، مستعدًا للاستجابة في أي وقت.

يرتدي أحمد مروان العيسى، البالغ من العمر 19 عامًا، بفخر الزي الرسمي لخدمات الطوارئ الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ويقف الى جانب سيارات الإسعاف، مستعدًا للاستجابة في أي وقت.

صورة: جو بعقليني / الاتحاد الدولي

إن المتخصصين الطبيين مثل نغم وسجى ضروريون في تقديم الرعاية الطارئة، ولكن يمكن لأي شخص أن يساهم في مجتمعه خلال أوقات الحاجة. كل ما يتطلبه الأمر هو قلب طيب ورغبة بالتطوع.  

أحمد مروان العيسى البالغ من العمر 19 عامًا، والذي يسعى للحصول على شهادة في الهندسة الميكانيكية، هو مثال على ذلك. إنه يتطوع كمسعف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، ويفعل ذلك وهو على دراية بالمخاطر.

ويقول أحمد: "الوضع مخيف لأنه غير قابل التنبؤ. لا نعرف متى ستضرب غارة جوية وأين ستضرب، لكننا مستعدون لخدمة المتضررين، مهما كلّف الأمر". 

أخبار ذات صلة