اليوم العالمي للمتطوعين: "سنواصل مهمتنا الإنسانية حتى النهاية"
يقول جهاد منصور، المسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني، وهو في الغرفة حيث يحتفظ أفراد فرق الإسعاف بممتلكاتهم أثناء تأدية واجبهم، إنه لا يمرّ يوم من دون أن يفكّر في زملائه الذين قتلوا اثناء أداء واجبهم الإنساني."في كل مرة أفتح فيها الخزانة، أتذكّر صديقي العزيز وزميلي فادي المعني"، يقول جهاد، متحدثًا عن زميله المسعف الذي قُتل أثناء محاولته إنقاذ الأرواح في قطاع غزة خلال العام الماضي.في عام 2024، يأتي اليوم العالمي للمتطوعين [5 ديسمبر/كانون الأول] في نهاية أحد أسوأ الأعوام فيما يتعلق بسلامة العاملين في المجال الإنساني. في هذا اليوم، نكرّم مساهمات وتضحيات المتطوعين في جميع أنحاء العالم، بينما نعمل أيضًا على ضمان حماية جميع المتطوعين من الأذى.حتى الآن، توفي هذا العام ما لا يقل عن 30 متطوعًا من الهلال الأحمر والصليب الأحمر أثناء أداء واجبهم، وكان معظمهم من المستجيبين المحليين؛ أشخاص مثل فادي المعني. أشخاص يكرّسون وقتهم لمساعدة الآخرين.ويقول جهاد: "أن تكون ضابط اسعاف هو أن تكون إنسان غير عادي، تتعامل مع حالات متنوعة، تتعامل مع الرعب والخوف، وتعمل ليلًا ونهارًا"، مضيفًا أن النزاع المستمر في غزة هو بمثابة اختبار كبير له، أكبر من اختبارات النزاعات السابقة."لقد عشت الحروب في قطاع غزة في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021؛ والآن، هذه الحرب التي بدأت في أكتوبر 2023. كانت هذه الأحرب الأكثر شدّة وشراسة، وأكثرها مدّة، وإصابات وقتلى."إن ذكريات الزملاء الذين خسرناهم، والتجارب المؤلمة والمروّعة، لا تختفي ابدًا من ذهن زميله في الهلال الأحمر الفلسطيني، كمال أحمد، الذي يقول: "أكثر شيء مؤلم في هذه الحرب هو فقدان أعز الناس إليكم ـ صديقك، أخاك، زميلك". إلا أن هذا ليس التحدي العاطفي الوحيد الذي يواجهه المتطوعون هنا. يقول كمال، الذي نقل ما لا يقل عن 18 ضحية في سيارة الإسعاف في ذلك اليوم: "أصعب موقف مررت به في الحرب كان عندما استجبنا للقصف في مخيم دير البلح. كان الأمر صعباً للغاية بالنسبة لي لأن معظم الضحايا كانوا من الأطفال والنساء".يواجه المتطوعون أيضاً أياماً من الإحباط الشديد عند محاولة مساعدة الآخرين، حيث تعترضهم تحديات العمل في مناطق النزاع. ويروي جهاد: "لقد واجهنا تحديات مثل قدرة الوصول إلى الجرحى، وإغلاق المستشفيات، وعدم توفر الأدوات والطواقم الطبية الكافية للاستجابة. لقد عملنا بلا كلل، ليلاً ونهاراً من دون فترات راحة."أكثر شيء أتعبنا كان قطع الطرقات، بحيث بقيت عالقًا في المستشفى، بينما نزحت عائلتي للعيش في خيمة في المواصي ولم أتمكن من التواصل معهم أو معرفة أي شيء عنهم". يمكن للمتطوعين أيضًا أن يتأثروا شخصيًا بالعنف. ويقول كمال: "كان تلقي أنباء عن ضربة بالقرب من منزلي مؤلمًا. كنت في حالة من الذهول؛ هرعت خارج المركز الطبي وعدت إلى المنزل للاطمئنان على أحبائي ومساعدتهم على الإخلاء. كانت مأساة في حد ذاتها."لقد فقدت العديد من الأعزاء، ومن بينهم فادي المعني، ويوسف أبو معمر، وفؤاد أبو خماش، ومحمد العمري، زميلي وصديقي المقرّب الذي كنت أعمل معه في نفس سيارة الإسعاف."إن حالة الطوارئ المستمرة، والتدابير الأمنية المشددة، ونزوح الأسر يعني أن المتطوعين غالبًا ما ينفصلون عن أصدقائهم وعائلاتهم، وعن روتينهم اليومي الذي يجلب لهم الفرح، تمامًا مثل الأشخاص الذين يعملون لمساعدتهم. يقول جهاد: "اعتدنا أن نجمع العائلة والأصدقاء والزملاء للاستمتاع بصحبة بعضنا البعض، لكن هذه اللحظات أصبحت الآن مجرد ذكرى طغت عليها عنف ووحشية هذه الحرب". "لقد استمتعنا بالعديد من الأيام والسنوات الجميلة معًا، وفقدانها أثّر علينا بشدّة، وتركنا منهكين عاطفيًا. لكننا سنواصل مهمتنا الإنسانية حتى النهاية".